بقلم: د. عبدالرحيم موھوب.
السلطة السياسية هي نوع من السلطة الاجتماعية والتي تختص بها صنف من التجمعات البشرية والتي نطلق عليها المجتمعات المدنية، وهي أرفع السلطات الاجتماعية فهي لا تسمح في العادة أن توجد في داخلها تنظيمات غير تابعة لها وغير مؤتمرة بأمرها على نحو مباشر، كما أن أجهزة الثواب والعقاب هي التي تحتكرها السلطة وحدها، فالسلطة السياسية هي التي تدير المجتمع المدني وتعمل على تنظيم العلاقات بين الجماعات العديدة التي تؤلفه، فالسلطة السياسية من ناحية هي سلطة اجتماعية لأن السياسة هي جانب من جوانب المجتمع ولا تقوم بشكل منعزل عنه ومن جهة أخرى هي سلطة سيدة تعلو وتقوم على الطواعية والاعتراف بدورها.
ومن مقومات السلطة أنھا تستوجب ضرورة وجود آمر ومأمور بما أنها علاقة أمرية فلا يتصور قيامها على طرف واحد فقط فهي علاقة متعدية تحتاج للآخر. كما تتطلب وجود إطار مؤسساتي، حيث لا يتصور بناء السلطة دون مؤسسات و قواعد و أنظمة رسمية تتضمن كل ما من شأنه تنظيم العلاقة بين الحاكم و المحكوم و بقدر ما يكون الإطار المؤسساتي قويا بقدر ما تكون السلطة قوية. إضافة إلى الشرعية والقبول باعتبارھا من المقومات الأساسية لبناء السلطة واستمرارها باعتبارها علاقة مقبولة من قبل أفراد المجتمع فتحدد الشرعية دور ومكانة كل من طرفي العلاقة السلطوية وإمكانية استمرارها كعلاقة مجتمعية فهي الضامن الأساسي للسلطة، فالسلطة التي لا تستطيع خلق شرعيتها مصيرها الانهيار.
كما أن قيام السلطة يتطلب وجود القوة من أجل فرض الإرادة والتي تتم ممارستها عن طريق استخدامھا من أجل الاعتراف العام كضرورة وحق اكتسبته السلطة من المرجعيات والضوابط التي يقرها المجتمع، كما تستخدم القوة للسيطرة على الآخرين من دون موافقة اجتماعية أو سند أو مبرر اجتماعي. و تتعدد وسائل فرض هذه القوة عبر القهر والتهديد وتطبيق الجزاءات، وكذا استعمال تحفيزات مادية وتعويضية كالمكافأت والمزايا المادية والخدماتية، بالإضافة إلى وسائل رمزية معيارية تتمثل في توزيع وتجريد الكفاءات الرمزية بطريقة تدل على المركز من خلال تجريد الاحترام والهيبة ومن خلال طقوس معينة وكذلك الاستجابة تكون مجردة ورمزية.