تتكرر ظاهرة استغلال الأزمات من قبل بعض التجار، الذين يجدون في أي حجة، مهما كانت واهية، فرصة لمراكمة الأرباح وتكديس الثروات، ولو كان ذلك على حساب المواطن البسيط. في هذا السياق، تعتبر الأحداث التي رافقت زلزال الحوز مثالاً واضحاً على هذا الاستغلال، حيث عمد بعض الباعة إلى رفع أسعار البطانيات والأفرشة التي كانت تُرسل كمعونات إلى المناطق المنكوبة.
حيث يتكرر الأمر ولكن بحجج مختلفة، فقام بعض التجار برفع أسعار عدد من المنتجات والمواد الاستهلاكية فور إعلان وزارة الاقتصاد والمالية عن رفع جزئي للدعم عن غاز البوتان. هذا القرار جعل “البوطا الكبيرة” تباع بخمسين درهماً والصغيرة ب 12.5 درهماً، مما أدى إلى ظهور زيادات غير مبررة في أسعار بعض المنتجات.
في خطوة استباقية، بدأ بعض المهنيين في زيادة أسعار منتجاتهم، مثل باعة الخضر والمخابز، حيث أضافوا 20 سنتيماً إلى سعر الخبزة الواحدة. هذه الزيادة تثير تساؤلات عديدة، حيث تشير التقديرات إلى أن تأثير زيادة سعر غاز البوتان على تكلفة الخبزة الواحدة لا يتعدى 0.1 سنتيم، مما يعني أن المصاريف الإضافية لإنتاج 20 خبزة هي 20 سنتيماً فقط، في حين أن أصحاب المخابز يربحون 20 سنتيماً في الخبزة الواحدة، ما يعني أنهم يحققون ربحاً إضافياً قدره 4 دراهم مقابل كل 20 سنتيم أضيفت في سعر البوطا. وهذا يعني أن زيادة 10 دراهم في سعر “البوطا” تمكنهم من تحقيق أرباح تفوق قيمة الزيادة بأضعاف.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل انتقل إلى المقاهي والمطاعم في الدار البيضاء. حيث انقسم أصحابها بين من فرض الزيادة ومن رفضها. فقام بعضهم بإضافة درهم إضافي في سعر “الكونسوماسيون”، رغم أن هذه الحجة تبدو ضعيفة جداً، حيث أن استهلاك المقاهي لغاز البوتان محدود ولا يبرر زيادة درهم كامل دفعة واحدة.
كما يستغل بعض أصحاب المقاهي قانون حرية الأسعار والمنافسة لفرض زيادات غير مبررة، دون مراعاة تأثير ذلك على القدرة الشرائية للمواطنين، هذه السلوكيات تقوض الجهود الحكومية للإصلاح، وتجعل المواطن البسيط المغلوب على أمره هو الضحية، حيث يتحمل دفع الزيادات التي تُفرض أحياناً دون أي سند قانوني أو مبرر منطقي.
وفي ظل هذه الظروف، يبقى السؤال المطروح: إلى متى سيظل المواطن البسيط يدفع ثمن جشع التجار واستغلالهم للظروف والأزمات لتحقيق مكاسب شخصية؟ وهل ستتخذ الحكومة إجراءات صارمة لوقف هذه التجاوزات وحماية المواطنين من هذه الممارسات؟
تحرير: عواطف حموشي.