تعيش منصات التواصل الاجتماعي في المغرب لحظة تحول كبيرة بعد اعتقال شخصيات أثارت جدلاً واسعاً بسبب المحتوى الذي تقدمه، مثل رضى ولد الشينوية، إلياس المالكي، وهيام ستار، هذه الأسماء التي كانت تُعتبر رموزاً للتفاهة بالنسبة للعديد من المتابعين أصبحت محور نقاش مجتمعي حول مستقبل المحتوى الرقمي في البلاد.
تزامنت هذه الاعتقالات مع تنامي الدعوات لوضع حد للمحتوى الذي يُروج للابتذال ويؤثر سلباً على قيم المجتمع، خاصة مع تأثيره الواضح على فئة الشباب، فقد تحول هذا النوع من المحتوى إلى ظاهرة استنزفت اهتمام الجمهور وأبعدت الأنظار عن القضايا الأكثر أهمية، ومع دخول السلطات على الخط، يبدو أن هناك إرادة لوضع معايير جديدة للمسؤولية الرقمية.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل تمثل هذه الإجراءات بداية النهاية لعصر التفاهة على مواقع التواصل الاجتماعي، أم أنها مجرد خطوة رمزية؟ فالمشكلة ليست في الأفراد فقط، بل في نظام كامل يُشجع على نشر المحتوى السطحي لجذب المتابعين وتحقيق الربح السريع، شبكات التواصل نفسها تلعب دوراً في تعزيز هذا النمط بسبب خوارزمياتها التي تفضل المحتوى المثير للجدل على حساب الجودة والفائدة.
التغيير الحقيقي يتطلب أكثر من الاعتقالات؛ فهو بحاجة إلى استراتيجية شاملة تشمل تثقيف الجمهور وتوعية صناع المحتوى بأهمية تقديم محتوى هادف، كما أن للمجتمع دوراً في تشجيع المحتوى الذي يساهم في البناء الثقافي والمعرفي، هناك مؤشرات إيجابية ظهرت مع بروز عدد من صناع المحتوى الذين يقدمون بدائل قيمة، ولكن الطريق نحو التغيير لا يزال طويلاً.
في النهاية، يمكن اعتبار ما يحدث الآن فرصة لإعادة تقييم المشهد الرقمي في المغرب، فالتحدي الأكبر هو خلق بيئة رقمية توازن بين حرية التعبير والمسؤولية، وتحفز على الإبداع الهادف عوضاً عن السعي وراء الشهرة بأي ثمن.د، ربما تكون هذه الخطوات بداية لنهاية التفاهة، ولكن الأهم هو أن تكون بداية لمرحلة جديدة أكثر وعياً وإبداعاً.