شيخ الزاوية القادرية البودشيشية، سيدي جمال الدين القادري، يظل رمزًا للاستمرارية الروحية والتربية الإيمانية، رغم التحديات الصحية التي تواجهه والشائعات التي تلاحق مسيرته. فقد شكّل حديث بعض المريدين حول وضعه الصحي الأخير مادة للجدل، إلا أن الحقيقة تؤكد أن الشيخ يتمتع بمرضٍ عاديٍ يتناسب مع سنه، ولا يثني عزيمته في أداء رسالته النبيلة.
ما يميز سيدي جمال الدين ليس فقط مقامه الروحي، بل تفانيه في قيادة المريدين نحو القرب من الله، رغم كل المصاعب. كلماته الأخيرة، التي أعلن فيها انتقال الأمانة الروحية إلى نجله سيدي منير، ليست إشارة إلى نهاية عهده، بل هي تجديد للعهد واستمرارية للسر المحمدي الذي تحمله الزاوية منذ نشأتها.
الزاوية البودشيشية لطالما كانت منارة للتربية الروحية في المغرب وخارجه، ومريدوها مدعوون اليوم للتأمل في رسالتها العميقة بدل الانسياق وراء التحليلات السطحية. فكما قال أحد المريدين: “الشيخ لا يكون شيخًا حتى يموت ويدفن، وما يبقى إلا سره المتصل بسيدنا رسول الله”.
رسالة الشيخ الأخيرة لم تكن إلا تجسيدًا لرؤية صوفية عميقة، حيث استمرارية النور الروحي لا تتوقف عند فرد معين، بل تتجدد في الأجيال القادمة. وها هي البشارة تتجلى في بشارة العارفين التي أعلنها الحبيب سيدي جمال الدين، مؤكدًا أن هذا النور المحمدي سيبقى مستقرًا في الدار العامرة إلى يوم القيامة.
إن الحديث عن مرض الشيخ ليس إلا انعكاسًا لما في النفوس، فالبعض رأى مرضه مرضًا شخصيًا، بينما آخرون رأوا فيه مقامًا روحيًا ساميًا يعكس مدى ارتباط الشيخ بربه. هذا الاختلاف في الرؤى يعبر عن حقيقة واحدة: المريدون يرون شيخهم بقلوبهم، كلٌ حسب همته ودرجته.
ختامًا، تظل الزاوية القادرية البودشيشية قائمة على أسس ثابتة، ورسالة الشيخ سيدي جمال الدين هي دعوة صريحة للمريدين للثبات والتجديد في علاقتهم بالله، متجاوزين الشائعات والعوارض الدنيوية.