أعلن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، في خطوة تعكس حرص المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي على تعزيز شراكتهما الاستراتيجية، عن تجديد خطة العمل المشتركة بين الجانبين حتى عام 2030. جاء هذا الإعلان خلال الاجتماع الوزاري المشترك في مكة المكرمة، حيث أكد بوريطة أن العلاقة بين المغرب ودول الخليج، رغم روابطها التاريخية والسياسية العميقة، تحتاج إلى تعزيز أكبر في الجانب الاقتصادي لتكون أكثر تجذراً واستدامة.
الفجوة بين السياسة والاقتصاد: الحاجة إلى تعزيز المبادلات التجارية
رغم التقارب السياسي القوي، لم يصل حجم المبادلات التجارية بين المغرب ودول الخليج إلى المستوى المأمول. فعلى سبيل المثال، لا تزال الدول الخليجية غائبة عن قائمة أكبر عشرة زبائن للمغرب، حيث تتصدر القائمة دول مثل إسبانيا (19.6%) وفرنسا (18.6%)، في حين تأتي السعودية في المرتبة الخامسة كمورّد للمغرب بنسبة 6.5%، تليها الإمارات بنسبة 2% في المرتبة العاشرة. هذه الأرقام تعكس وجود فجوة بين التعاون السياسي والاقتصادي، مما يستدعي جهداً مشتركاً لتعزيز التبادل التجاري.
نمو الاستثمارات الخليجية في المغرب: دعم ملموس للنمو الاقتصادي
على عكس المبادلات التجارية، تُعد الاستثمارات الخليجية ركيزة أساسية في الاقتصاد المغربي، حيث شهدت السنوات الأخيرة تدفقاً متزايداً لرؤوس الأموال الخليجية نحو قطاعات حيوية مثل البنية التحتية والطاقة المتجددة والسياحة.
السياحة والطاقة المتجددة في صدارة الاستثمارات الخليجية
شهد قطاع السياحة في المغرب انتعاشًا ملحوظًا بفضل الاستثمارات الخليجية، حيث ارتفع عدد السياح بنسبة 20% في عام 2023، مدفوعًا بتطوير منتجعات وفنادق فاخرة بتمويل خليجي. كما لعبت دول الخليج دورًا محوريًا في تعزيز قطاع الطاقة المتجددة، حيث استثمرت الإمارات والسعودية في مشاريع كبرى، مثل مشروع الطاقة الشمسية الذي أطلقته شركة “أكوا باور” السعودية بقيمة 300 مليون دولار في ورزازات، مما عزز مكانة المغرب كمركز إقليمي للطاقة النظيفة.
طفرة في المشاريع المشتركة: من البنية التحتية إلى التكنولوجيا المالية
توسعت الاستثمارات الخليجية في المغرب لتشمل مشاريع ضخمة، مثل ميناء “الناظور غرب المتوسط”، الذي تم افتتاحه بتمويل مغربي-خليجي مشترك بقيمة 1.2 مليار دولار، ليصبح أحد أكبر الموانئ في إفريقيا. كما شهد القطاع المالي شراكات جديدة، مثل توقيع “التجاري وفا بنك” المغربي مذكرة تفاهم مع “بنك الخليج الدولي” لتعزيز التعاون في مجالات التمويل والتكنولوجيا المالية.
وفي قطاع الزراعة، أعلنت الإمارات في 2024 عن مشروع زراعي مشترك بقيمة 150 مليون دولار لتعزيز الأمن الغذائي وتبادل التكنولوجيا الزراعية، ما يعكس التوجه نحو تنويع الاستثمارات في مجالات حيوية تدعم التنمية المستدامة.
نحو تكامل اقتصادي شامل بحلول 2030
مع تجديد خطة العمل المشتركة حتى 2030، يتجه المغرب ودول الخليج نحو تعزيز شراكتهما الاستراتيجية لتشمل مجالات جديدة، مثل الاقتصاد الرقمي، والصناعة التحويلية، والتكنولوجيا المتقدمة. ويرى الخبراء أن تنفيذ المغرب للإصلاحات الاقتصادية الجارية، إلى جانب تعزيز بنيته التحتية، سيجعله وجهة أكثر جاذبية للمستثمرين الخليجيين، مما يمهد الطريق لتكامل اقتصادي أكثر قوة في السنوات القادمة.
خلاصة: الفرصة الذهبية لتقوية الشراكة
رغم التحديات التي تواجه المبادلات التجارية بين المغرب ودول الخليج، فإن الاستثمارات الخليجية تلعب دورًا حاسمًا في دعم الاقتصاد المغربي. ومع استمرار المشاريع الكبرى والتوجه نحو توسيع مجالات التعاون، تبدو الآفاق واعدة لشراكة اقتصادية أكثر تكاملاً، تحقق المنفعة المشتركة وتدفع بعجلة التنمية في المنطقة.
تحرير:سلمى القندوسي