بينما يرفع عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، شعارات النزاهة والتخليق وربط المسؤولية بالمحاسبة، يواصل التهامي الوزاني، البرلماني عن الحزب ومنسقه بفاس الشمالية، العبث بالمشهد السياسي بطرق أقل ما يقال عنها إنها تتنافى مع كل القيم الديمقراطية، فبعد فضائحه المتكررة، واحتكاره توزيع قفف رمضان على أنصاره، وتحويله العمل الخيري إلى أداة للابتزاز الانتخابي، يجد حزب الأحرار نفسه اليوم في موقف محرج، فإما أن يتدخل لوقف هذا الانحراف، أو أن يستمر في التستر عليه، مما سيؤكد أن الحزب نفسه متواطئ في هذه الممارسات المشينة.
الوزاني، الذي تحول إلى “بارون انتخابي” في فاس، لم يكتفِ بإقصاء المنتخبين داخل حزبه، بل ذهب إلى حد شراء الولاءات عبر استمالة مستشارين من أحزاب أخرى، مغرياً إياهم بالمساعدات الرمضانية مقابل الالتحاق به، محاولاً بذلك خلق هالة وهمية حول شعبيته، في حين أن قيادات الحزب، سواء جهوياً أو محلياً، لم تعد تخفي استياءها من سلوكاته، حيث تتزايد الأصوات الداعية إلى إبعاده عن المشهد، خصوصاً مع اقتراب الاستحقاقات المقبلة، التي ينتظر أن تحمل معها تغييرات كبرى داخل الحزب بالعاصمة العلمية.
ما يزيد الوضع تعقيداً أن الوزاني لم يعد مجرد عبء سياسي على الحزب، بل بات يشكل خطراً على صورته العامة، فحزب الأحرار، الذي يحاول تقديم نفسه كحزب مؤسساتي، لا يمكنه الاستمرار في حماية شخص يستخدم الإحسان كأداة للابتزاز السياسي، خصوصاً في ظل التوجيهات الملكية الواضحة، حيث أكد الملك محمد السادس في خطاب العرش لعام 2017 على أن “المسؤولية ليست امتيازاً أو وسيلة للاغتناء، بل هي التزام لخدمة المواطن”، كما شدد في افتتاح البرلمان لسنة 2016 على أن “الأحزاب مطالبة باستقطاب نخب مؤهلة ونزيهة قادرة على تحمل المسؤولية السياسية بجدية”، فكيف لحزب يقوده أخنوش أن يتجاهل هذه التوجيهات، ويواصل الصمت على ممارسات الوزاني التي تسيء إلى صورة الحزب وإلى العملية السياسية برمتها؟
من الناحية القانونية، فإن ما يقوم به الوزاني لا يعد مجرد تصرفات فردية، بل هو انتهاك صريح للقوانين المنظمة للانتخابات، حيث تنص المادة 62 من القانون 57.11 على منع أي استغلال للمساعدات الخيرية لأغراض انتخابية، كما أن المادة 274 من القانون الجنائي المغربي تجرّم شراء الولاءات عن طريق الهدايا أو التبرعات، مما يطرح السؤال: هل ستتحرك وزارة الداخلية لفتح تحقيق في هذه الممارسات؟ أم أن الوزاني سيظل محمياً بحزبه رغم فضائحه المتوالية؟
عزيز أخنوش اليوم في امتحان سياسي حقيقي، فإما أن يتحمل مسؤوليته كرئيس حزب ويوقف هذا العبث قبل أن يتحول إلى فضيحة وطنية، وإما أن يختار الصمت والتغاضي، مما سيجعله شريكاً في هذه المهزلة، وإذا كان فعلاً يسعى إلى تقديم حزب الأحرار كبديل سياسي نظيف، فإن أول خطوة لإثبات ذلك هي محاسبة التهامي الوزاني والتبرؤ من أساليبه التي تعود بالمشهد السياسي إلى عصور الانتهازية والريع الانتخابي. الأيام القادمة ستكون حاسمة، فهل سيضحي الحزب بالوزاني للحفاظ على صورته، أم أنه سيظل يحميه حتى يسقط معه في مستنقع الفساد السياسي؟