فضيحة من العيار الثقيل..وزير إسلامي سابق يدافع عن أكبر مزور في تاريخ المغرب

21 مارس 2025آخر تحديث :
فضيحة من العيار الثقيل..وزير إسلامي سابق يدافع عن أكبر مزور في تاريخ المغرب

 

في حادثة صدمت الرأي العام المغربي وأثارت تساؤلات قانونية وأخلاقية عميقة، أقدم وزير العدل السابق، الذي كان ينتمي لحزب إسلامي وكان يتمتع بثقة ملكية كبيرة، على اتخاذ موقف غير مسبوق بالدفاع عن أحمد العنابي، أحد أكبر المزورين في تاريخ المغرب، الوزير الذي كان يُعتبر نموذجًا للعدالة والنزاهة، والذي تولى منصبًا حساسًا في الحكومة، وجد نفسه في مواجهة شعبه وقيم العدالة التي كان من المفترض أن يكون حاميًا لها، ليس فقط أنه خان الثقة الملكية، بل أضر أيضًا بمصداقيته السياسية والقضائية، مما أثار موجة من الاستنكار في الأوساط السياسية والقانونية، ودفع الجميع إلى التساؤل عن دوافعه الحقيقية وراء هذا التصرف غير المسؤول.

 

كان الوزير السابق في موقف يُفترض فيه أن يكون حاميًا للعدالة ومرشدًا في تطبيق القانون، لكن ما حدث اليوم يضع علامة استفهام ضخمة على مواقفه، ويثير جدلاً واسعًا حول معايير العدالة في المغرب، جلالة الملك، في خطب عديدة، أكد على ضرورة محاربة الفساد وتعزيز نزاهة الدولة، ففي خطابه في افتتاح السنة التشريعية لعام 2019، أكد الملك محمد السادس على أن “مكافحة الفساد تشكل أولوية وطنية، وأن الدولة لا يمكن أن تبني مستقبلها إلا على أسس من الشفافية والنزاهة”، وعندما جاء دور الوزير السابق ليتحمل مسؤولياته، اختار أن يضع نفسه في صف مزور في سابقة خطيرة تهدد سيادة القانون، وفوق ذلك، فإن المادة 118 من الدستور المغربي تنص على أن “السلطات العمومية تحترم سيادة القانون وتلتزم بتطبيقه على الجميع دون تمييز”، وهي نصوص يجب أن يكون أي مسؤول حكومي، وبالخصوص وزير العدل، قدوة في احترامها، إلا أن الوزير الذي كان في يوم من الأيام رمزًا للعدالة والمساواة، اختار اليوم الاصطفاف إلى جانب شخص متهم بالتزوير، مما يعد خرقًا صارخًا لهذه المبادئ الدستورية.

 

كما أن هذا التصرف يتناقض مع القيم الدينية التي يُفترض أن يتحلى بها أي مسؤول في الدولة، خاصة إذا كان ينتمي لحزب إسلامي، الشريعة الإسلامية في أحد مبادئها الأساسية تعتبر التزوير من الكبائر التي لا تغتفر، فقد ورد في الحديث الشريف: “من غش فليس منا”، وهذا الحديث يُظهر بوضوح مدى خطورة التزوير في الإسلام، حيث يُعتبر خيانة للأمانة وضررًا للمجتمع بأسره، كيف يمكن لوزير أن يتجاهل هذه المبادئ الواضحة ويقف إلى جانب شخص متورط في التزوير؟ لقد كان يُفترض به أن يكون نموذجًا للنزاهة والعدالة، لكنه اختار للأسف أن يتخلى عن هذا الدور ويقف في صف المفسدين.

 

من منظور قانوني، فإن التزوير في المغرب يُعد جريمة خطيرة يعاقب عليها القانون بشدة، فقد نص الفصل 352 من القانون الجنائي المغربي على أن “من ارتكب جريمة التزوير في الوثائق يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات”، إذاً، كيف يمكن لوزير العدل، وهو المسؤول عن ضمان تطبيق القانون، أن يتجاهل هذه الأحكام الواضحة ويقف ضد العدالة؟ هذا الموقف يفتح الباب على مصراعيه للتساؤلات حول مدى التزام هذا الوزير بالقوانين التي كان يجب عليه تطبيقها، ويثير الشكوك حول دوافعه الحقيقية.

 

لا يقتصر الخلل في تصرف هذا الوزير على الخيانة القانونية فقط، بل يتعداه إلى الخيانة الأخلاقية والسياسية أيضًا، من المثير أن نلاحظ أن هذا الوزير الذي كان من المفترض أن يكون حاميًا للحقوق والمساواة، أصبح اليوم في موضع المتهم، كيف يمكن لشخص تولى مسؤولية قيادة وزارة العدل أن يتبنى مواقف مغايرة للأخلاقيات السياسية السامية؟ في مقال شهير للفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو، يقول: “القوة لا تكمن في الحكم، بل في العدل”، بناءً على هذا القول، كان من الواجب على الوزير أن يكون مثالًا للعدل، وأن يُمارس سلطته من خلال احترام المبادئ القانونية والأخلاقية، لكن المثير في هذه القضية أن الوزير اختار الوقوف مع المفسدين، مما يضعه في مواجهة مع قيم العدالة وحقوق المواطنين.

 

لقد كان من المتوقع أن يتخذ الوزير مواقف تكرس سيادة القانون وحقوق الشعب، لكن ما حدث كان بمثابة تراجع عن هذه القيم الأساسية، وهو ما دفع إلى التفكير في مدى تأثير هذا الموقف على مستقبل العدالة في المغرب، كيف يمكن للمواطنين أن يثقوا بالقضاء والعدالة إذا كانت هناك شخصيات في السلطة تدافع عن المجرمين والمتورطين في الجرائم الكبيرة؟

 

في الوقت الذي ينتظر فيه الشعب المغربي من مسؤولي الدولة الحفاظ على سيادة القانون والعدالة، يأتي هذا الوزير ليعكس صورة مغايرة تمامًا، وهي صورة تسيء إلى مفهوم المسؤولية السياسية والأخلاقية، إن هذا الموقف لا يعكس فقط خيانة للثقة الملكية، بل هو أيضًا خيانة للشعب المغربي الذي وضع ثقته في هذا الوزير ليكون حاميًا للعدالة والمساواة، فقد اعتاد المغاربة على رؤية الوزراء يتحدثون عن محاربة الفساد وتعزيز الشفافية، لكن وزير العدل السابق اختار للأسف أن يتحالف مع منتهكي القانون والمزورين.

 

السؤال الذي يظل مطروحًا هو: كيف سيواجه هذا الوزير العواقب التي ستترتب على هذا التصرف؟ هل سيستمر في الدفاع عن المزورين، أم سيعود عن موقفه ويُصحح أخطاءه؟ إن هذا الموقف سيظل يُثير الجدل ويضع الوزير في مواجهة مع ضميره قبل أي شيء آخر، حيث أصبح اليوم موضع تساؤل في أعين الشعب والعدالة، وأصبح يُنظر إليه لا كمحامي للحق، بل كمدافع عن المفسدين، من خلال هذه الحادثة، يُظهر المغرب مرة أخرى كيف أن العدالة تُحارب وتُتحدى في قلب النظام، وكيف أن الخيانة يمكن أن تأتي من أعلى المستويات، مما يضع أمامنا تحديات كبيرة للحفاظ على نزاهة الدولة وتماسكها في المستقبل.

اترك رد

الاخبار العاجلة