ليلة السابعة والعشرون من رمضان في الزاوية البنانية الأم بالرباط ليست كباقي الليالي .
كانت لحظة التقاء بين الماضي والحاضر، بين الذكرى والتجدد.
اجتمع فيها المريدون في أجواء إيمانية هادئة، تظللهم السكينة ويملؤهم الشوق.
بدأ البرنامج بصلاة العشاء والتراويح، تلتها ختمة كاملة للقرآن الكريم.
ثم ردد الحاضرون الاسم المفرد ألف مرة، قبل أن يُفتتح ختم صحيح البخاري، كما جرت عادة شيوخ الزاوية عبر الأجيال.
ألقى الدكتور عبد العزيز أبايا كلمة تناول فيها علاقة المغاربة، وبخاصة أهل الزاوية البنانية، بصحيح البخاري: دراسةً وشرحًا وختمًا وافتتاحًا.
ثم قرأ شيخ الزاوية، سيدي لطف الله البناني، إجازة جده سيدي فتح الله، مؤكّدًا استمرارية هذا التقليد العلمي والروحي في الزاوية.
ثم ألقى الدكتور حمزة الكتاني كلمة ثانية حول الدلالات الإيمانية لليلة القدر المباركة .
اختُتم المجلس بالمديح النبوي والسماع الصوفي بإشراف المادح و الأستاذ المتفنن سفيان اكديرة ثم ذِكر اللطيف، والدعاء.
لقد أعادت هذه الليلة إلى الأذهان فترة ازدهار الزاوية البنانية، ودورها البارز في المشهد الديني والعلمي بالرباط، بل في المغرب كله.
ومن أبرز تجليات هذا الاحتفاء تقليد افتتاح صحيح البخاري، الذي وثقه الشيخ فتح الله البناني في كتابه: رفد القارئ بمقدمة افتتاح صحيح الإمام البخاري.
الذي اختتمه بإجازة عامة لقراءة البخاري، لكل من توفرت فيه المحبة والنية الصادقة.
مضيفًا بذلك لمسة روحية على تقليد علمي أصيل.
ما حدث في هذه الليلة لم يكن مجرد احتفال.
بل كان إعلانًا حيًّا أن الذاكرة الدينية والعلمية ما زالت تنبض.
وأن الزاوية ما تزال تربط الناس بعلم راسخ، وسند متصل.