من المستشفى إلى دائرة الاتهام… القائد علي ضحية هفوة أم كبش فداء في معركة “النزاهة المفترضة”؟

5 ساعات agoLast Update :
من المستشفى إلى دائرة الاتهام… القائد علي ضحية هفوة أم كبش فداء في معركة “النزاهة المفترضة”؟

وفقاً لمصادرنا الخاصة، ما يزال القائد علي، أحد أقدم أطر وزارة الداخلية في إقليم النواصر، طريح الفراش بإحدى المصحات الخاصة، بعد وعكة صحية ألمّت به عقب اتهام غير مسبوق بتلقي الرشوة، صدر عن العامل الجديد للإقليم خلال اجتماع رسمي أمام لجنة مختلطة ضمت ممثلين عن الوكالة الحضرية والجماعة الترابية والعمالة والشركة الجهوية للماء وعدداً من الموظفين والمسؤولين.

الحادثة، التي لم يصدر بشأنها أي بلاغ رسمي من وزارة الداخلية، ولا عن مصالح عمالة الإقليم، فتحت الباب واسعاً أمام تساؤلات مشروعة حول المسارات التي سلكتها هذه الاتهامات، وحول ما إذا كانت مؤسسة مثل الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، المعينة بظهير ملكي لتكون درعاً حصيناً في وجه الفساد، قد اطّلعت على الموضوع، أم أنها آثرت الصمت في قضية تمسّ سمعة موظف قضى حياته في خدمة الدولة دون أي ملف تأديبي يُذكر.

القائد علي، الذي يحظى باحترام واسع داخل الإقليم، كان يستعد بهدوء لإغلاق مسيرته المهنية والتفرغ لتقاعد مستحق، قبل أن يجد نفسه فجأة في قلب عاصفة من الشبهات التي لم تُدعّم بأي وثيقة، ولا أُحيلت على أنظار أي لجنة تحقيق رسمية. مصادرنا تشير إلى أن تصريح العامل الشاب جاء في سياق توتر واضح خلال الاجتماع، مما يثير الشكوك حول ما إذا كان الأمر مجرّد هفوة لسان أم اتهام صريح يستوجب المحاسبة أو التراجع عنه علناً.

هل كان لزاماً أن يتلقى القائد علي تلك الطعنة المعنوية أمام الملأ، وهو على بعد خطوات من بلوغ نهاية مشواره المهني؟ وكيف سيفسر لأبنائه وأحفاده أن اسمه ارتبط في لحظة بتهمة الرشوة، دون أي مسطرة قانونية أو إدارية؟ ومَن سيعيد له اعتباره إن تبين أن ما نُسب إليه لا يعدو أن يكون إفكاً أو زلة؟

أخطر ما في القضية، تقول مصادرنا، هو أنها تسلط الضوء على هشاشة التعامل مع سمعة الموظفين داخل الإدارة الترابية، وتطرح علامات استفهام عريضة حول مدى احترام القرينة الدستورية للبراءة داخل مؤسسات يُفترض أنها الحامية الأولى لكرامة المواطن، قبل كرامة الموظف.

فهل نحن أمام حزم إداري مشروع يستند إلى معطيات سرية لم تُعلن بعد، أم أمام شطط في استعمال سلطة القول أمام مسؤول جديد لم يخبر بعد أعراف التدبير الترابي؟ وهل يعقل أن تمر اتهامات علنية بالرشوة بين أطر وزارة الداخلية دون أي تحرك من الجهات الرقابية المختصة، وعلى رأسها الهيئة الوطنية للنزاهة، التي أوكل إليها الملك حفظ منظومة القيم داخل الإدارة العمومية؟

الإقليم المعني ليس رقعة ترابية هامشية، بل يشكل واحدة من أكبر الدوائر الترابية في المملكة، ويضم مطار محمد الخامس، ومعه جماعات كبرى مثل بوسكورة ودار بوعزة والنواصر وأولاد صالح وأولاد عزوز، ويحتاج إلى خطاب مؤسساتي متزن، لا إلى انفلاتات لفظية في لحظات ضغط أو استعراض.

وفقاً لمعطياتنا، هناك عدد من الفعاليات المحلية التي تستعد لمراسلة مصالح وزارة الداخلية للمطالبة بكشف ملابسات الحادث وتحديد المسؤوليات ورد الاعتبار إن ثبت التجني. ففي دولة الحق والقانون، لا يجوز أن يُرمى الناس بالباطل، ولا أن تُداس كراماتهم في آخر محطة من محطات عطائهم.

حرفياً، القضية أكبر من مجرد خلاف إداري، إنها اختبار لمدى نضج مؤسسات الدولة في احترام المساطر، وصون سمعة من خدمها عقوداً طويلة. وحين تصمت المؤسسات، ويُترك المتهم فريسة الشك والتشهير، فإن سؤال الثقة يتجاوز الأشخاص ليطال هيبة الإدارة نفسها.

اترك رد

Breaking News