توفيق مباشر
في مشهد ثقافي يُفترض أن يحتفي بكل أبناء الوطن، يبرز صوت الفنان المغربي كمال الطالياني من عمق المهجر، وهو يعبّر عن إحساس عميق بالخذلان والتهميش الذي يطال فنانين المهجر في المغرب. الطالياني، الذي نذر فنه لخدمة التراث الشعبي المغربي وحمل صوت العيطة إلى المسارح الأوروبية، يواجه صمتًا رسميًا وغيابًا للإنصاف في بلده الأم.
يعتبر الطالياني من بين الأسماء التي سطرت صفحات الفن الشعبي المغربي بحروف من الوفاء والإبداع، إلا أن تقدير جهوده ومساهماته في الساحة الثقافية الوطنية لا يزال بعيد المنال. رغم مشاركاته المتفرقة في بعض التظاهرات الفنية بالمغرب، إلا أن الدعوات الرسمية إليه نادرة، وغالبًا ما تكون نتيجة لمبادرات فردية، دون أن يحصل على التقدير المادي أو المعنوي الذي يستحقه.
وفي حديثه مع الجريدة، كشف الطالياني عن حجم الإقصاء الذي يعاني منه هو وعدد من الفنانين المغاربة المقيمين في الخارج، مؤكداً أن هذا التجاهل لا يقتصر على الأفراد، بل هو نابع من خلل مؤسساتي يعكس ضعف إدارة المشهد الثقافي وغياب الشفافية. وأضاف أن الساحة الفنية أصبحت مرتعًا لـ”سماسرة” و”وسطاء” يتحكمون في برامج المهرجانات، على حساب الكفاءة والموهبة الحقيقية.
لا يطالب الطالياني بالكثير، بل يرفع صوته من أجل الإنصاف، والمساواة في الفرص، وفتح المجال أمام كل فنان مخلص يسعى لنقل صورة حقيقية للثقافة المغربية في الداخل والخارج، بعيدًا عن منطق الزبونية والمحسوبية التي تنخر القطاع.
هذه الصرخة ليست فريدة، بل هي صوت آلاف الفنانين في المهجر الذين رغم بعدهم الجغرافي، لا يزالون يحملون قلبهم معلقًا بوطنهم، ويريدون أن يروا تقديرًا لجهودهم كما يستحقون، مساهمة حقيقية في بناء صورة المغرب الثقافية على الساحة الدولية.
في وقت تتطلع فيه بلادنا لتوسيع حضورها الثقافي عالميًا، يبقى الإنصاف للموهوبين والمخلصين مطلبًا ملحًا، لضمان استمرار إشعاع الفن المغربي الأصيل، وتمكين كل فنان من التعبير عن ذاته بحرية وعدالة.