ميلودة جامعي
شهدت الساحة السياسية بمدينة الفقيه بن صالح تصاعداً ملحوظاً في التوتر بين رئيس المجلس الجماعي وأغلبيته، في ظل خلافات حادة تهدد استقرار المجلس وتؤثر على سيرورة العمل التنموي بالمدينة. وقد جاء الرد القوي والسريع من الكاتب الجهوي لحزب الاتحاد الاشتراكي على تصريحات رئيس المجلس التي حاول فيها تقديم صورة مغايرة للواقع، وتبرير حالة الاضطراب داخل المجلس بأنها “أمور عادية” لا تؤثر على مسيرة التنمية.
في لقاء إعلامي وصفه كثيرون بـ”غير الموّفق”، قال رئيس المجلس إن طلبات التوضيح وسحب التفويضات من نوابه تتم في جو يسوده الهدوء، وأن الخلافات ليست إلا مسألة عابرة، مستثنياً شخصاً واحداً من خارج المجلس، اتهمه بالجلوس في المقاهي بدلاً من العمل على حل مشاكل جماعته، مدعياً أن ذلك لا يهدد المسيرة التنموية التي ستنطلق قريباً.
هذا الخطاب أثار موجة من الردود، وعلى رأسها ما جاء على لسان زوبدي، الكاتب الجهوي لحزب الاتحاد الاشتراكي، الذي اعتبر تصريحات الرئيس محملة بالمغالطات التي لا تعكس الواقع الحقيقي داخل المجلس الجماعي، مؤكداً أن ما يجري ليس مجرد سوء تفاهم بسيط، بل صراع سياسي محموم حول السيطرة على المجلس.
الهمسات الخمس من قلب الأزمة:
- الهمسة الأولى: الشخص الذي وصفه الرئيس بالمزعج والمُشوّش هو في الواقع مسؤول حزبي يرافق ويدعم المنتخبين الاتحاديين، ويُكافح محاولات الانقلاب على الأغلبية الديمقراطية التي أُنتخب الرئيس على أساسها.
- الهمسة الثانية: الخلاف الذي أشار إليه الرئيس في جماعة أولاد زمام، حيث ينتمي الكاتب الجهوي، هو في حقيقة الأمر سوء تفاهم بسيط حول مشروع إعدادية، استغلّه الرئيس لأهداف انتخابية ضيقة، لكن أهل المنطقة تمكنوا من رد هذه المحاولات عبر تواصلهم المباشر مع السلطات المحلية.
- الهمسة الثالثة: مهمة الكاتب الجهوي كمسؤول حزبي هي الدفاع عن المنتخبين من أي ضغط أو تجاوز، وليس الاكتفاء بالنصائح أو الموعظة.
- الهمسة الرابعة: الحديث عن اللقاءات في المقاهي، التي اعتبرها الرئيس مصدر إزعاج، هي في الأصل جلسات تواصل طبيعي بين فاعلين سياسيين من أطياف مختلفة، ولا تمثل تهديداً لأي طرف، وإنما تعبير عن النقاش الحر والمفتوح حول طريقة تسيير المجلس التي وصفها البعض بالبيروقراطية وتحويل المجلس إلى ملحقة حزبية.
- الهمسة الخامسة: الرد على تدوينات الكاتب الجهوي لم يكن مجرد تعليق عابر، بل كشف عن ارتباك الرئيس الذي حاول التظاهر بأن علاقته بنوابه جيدة، فيما كان يستعد فعلياً لـ”مؤامرة انقلابية” تستهدف الأغلبية التي أوصلته إلى رئاسة المجلس، مؤكداً أن الصراع سياسي بالدرجة الأولى وليس تقنياً.
يبقى واضحاً أن الخلافات الحادة داخل المجلس الجماعي للفقيه بن صالح، والتي تنعكس بشكل مباشر على تسيير شؤون الجماعة، ليست مجرد مشاكل إدارية أو خلافات شخصية، بل صراعات سياسية بامتياز بين أطراف تحاول توسيع قواعد نفوذها، ما ينعكس سلباً على وضوح الرؤية واستقرار المجلس، وبالتالي على المشاريع التنموية المنتظرة.
وسط هذه الأجواء المشحونة، يبقى السؤال الأبرز: هل سينجح الطرفان في تجاوز الخلافات السياسية لصالح المصلحة العامة، أم أن المدينة ستظل تعيش على وقع صراعات لا تنتهي؟ وهل ستنجح مساعي التهدئة التي يدعو إليها بعض الفاعلين السياسيين في إعادة التوازن إلى المشهد المحلي، وضمان انطلاق المشاريع التنموية التي ينتظرها المواطنون بفارغ الصبر؟
الفقيه بن صالح على صفيح ساخن.. والتحدي الحقيقي هو تحويل هذا الاحتقان إلى فرصة للحوار البناء.