المصطفى بنعلي يدعو إلى تعزيز التمكين السياسي والاقتصادي لمغاربة العالم: خطاب وازن يعيد الاعتبار للجاليات المغربية بالخارج

5 ساعات agoLast Update :
المصطفى بنعلي يدعو إلى تعزيز التمكين السياسي والاقتصادي لمغاربة العالم: خطاب وازن يعيد الاعتبار للجاليات المغربية بالخارج

 

 توفيق مباشر 

في لقاء تواصلي حاشد احتضنته مدينة فاس بمناسبة الذكرى السابعة والعشرين لتأسيس حزب جبهة القوى الديمقراطية، وجّه الأمين العام للحزب، المصطفى بنعلي، خطاباً سياسياً قوياً دعا فيه إلى تعزيز التمكين السياسي والاقتصادي لمغاربة العالم، معتبرًا أن غيابهم عن المؤسسات المنتخبة، وفي مقدمتها البرلمان، لم يعد مقبولاً في مغرب اليوم.

وأكد بنعلي في كلمته أن مشاركة الجاليات المغربية في الحياة السياسية لم تعد مجرد مطلب نخبوي، بل ضرورة وطنية واستحقاق دستوري يجب تفعيله. وأشار إلى أن الخطاب الملكي كان واضحًا في توجيه الدعوة لدمج مغاربة العالم في السياسات العمومية والتمثيلية السياسية، مبرزًا أن تجاهل هذا المكون الوطني الحيوي يشكل خللاً نظاميًا يتطلب معالجة عاجلة.

وحرص الأمين العام على التأكيد بأن مغاربة الخارج ليسوا فقط خزانًا مالياً من خلال تحويلاتهم التي تجاوزت 115 مليار درهم سنة 2023، بل هم أيضًا قوة فكرية واقتصادية ورمزية تسهم في بناء مغرب الكرامة والعدالة الاجتماعية. وقال في هذا السياق:

“إن مغاربة العالم هم جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني، ومن واجبنا كأحزاب أن نعترف بدورهم ونفتح لهم أبواب المشاركة الفعلية، لا أن نختزلهم في تحويلات بنكية فقط.”

وشدد بنعلي على أن الجاليات المغربية في الخارج تحمل رصيداً علمياً ومهنياً يمكن أن يُسهم في تطوير الاقتصاد الوطني، داعيًا الحكومة إلى بلورة سياسة عمومية متكاملة ترتكز على التمكين الاقتصادي والسياسي لهذه الفئة. وأكد أن شخصيات مثل اللاعب الدولي أشرف حكيمي تُجسد الانتماء العميق للوطن، وتشكل مصدر إلهام حقيقي لشباب المهجر.

وفي سياق حديثه عن المشهد السياسي الوطني، عبّر المصطفى بنعلي عن قلقه من تدني الخطاب السياسي، معتبرًا أن لغة التراشق والعدائية لا تخدم مصلحة الوطن وتُفقد المواطن الثقة في المؤسسات.
ودعا إلى وقفة تأمل جماعية تعيد الاعتبار للفعل السياسي الجاد، محمّلاً بعض الأحزاب مسؤولية انزلاق النقاش السياسي إلى مستويات لا تليق بثقافة الشعب المغربي ولا بتطلعاته التنموية.

وفي أفق الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، دعا الأمين العام إلى تعبئة وطنية شاملة من أجل توسيع قاعدة المشاركة السياسية، مشددًا على ضرورة جعل هذه الانتخابات فرصة لتجديد الثقة بين المواطن ومؤسساته، خاصة في ظل التحديات الاجتماعية التي تواجه البلاد من غلاء معيشة وبطالة وتفاوتات اجتماعية.

كما ربط بنعلي نجاح الاستحقاقات المقبلة بضرورة استثمار الدينامية الوطنية التي تعيشها المملكة، خاصة في أفق تنظيم كأس العالم 2030، معتبراً أن هذا الحدث الدولي الكبير يجب أن يتحول إلى فرصة لتعزيز روح المواطنة والتلاحم الوطني.

اللقاء، الذي شهد حضورًا وازنًا من مناضلات ومناضلي الحزب وأعضاء مكتبه السياسي والمجلس الوطني، تخللته لحظات رمزية مؤثرة، أبرزها تكريم محمد الزاهر، الأمين الإقليمي للحزب بفاس وعضو المكتب السياسي، تقديرًا لعطائه التنظيمي المستمر. كما شهد اللقاء تفاعلاً كبيراً مع الوصلة الفنية الاحتفالية التي أضفت طابعاً شعبياً على الحدث.

هذا اللقاء يشكل المحطة الثالثة ضمن الجولة الوطنية التي يقودها الأمين العام للحزب، والتي تهدف إلى إعادة تجديد الأدوار السياسية والتنظيمية لجبهة القوى الديمقراطية، وتعزيز مكانتها كحزب وطني مسؤول يُعبر عن حساسية مجتمعية تطمح للعدالة الاجتماعية والكرامة والتمكين الديمقراطي.

وفي ختام كلمته، شدد المصطفى بنعلي على أن المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، يحقق خطوات استراتيجية مهمة على مختلف المستويات، داعياً إلى تجاوز النقاشات العقيمة والتفرغ للقضايا الحقيقية التي تهم المواطن، خاصة ما يتعلق بالعيش الكريم، وفرص الشغل، والحكامة الرشيدة، والمشاركة المواطِنة.


رسالة بنعلي من فاس كانت واضحة: مغاربة العالم ليسوا على الهامش، بل في صلب مشروع الدولة الاجتماعية. وعلى الأحزاب والمؤسسات أن تبادر اليوم، قبل الغد، إلى ترجمة هذه الرؤية إلى سياسات واقعية وتمثيلية فعلية، تليق بمكانة المغاربة داخل الوطن وخارجه.

اترك رد

Breaking News