في ظل دينامية تجارية نشطة يشهدها إقليم الناظور على مدار السنة، تتجه الأنظار إلى الدور الغائب للمؤسسات البنكية في دعم التنمية المحلية، وسط تزايد الانتقادات بشأن تركيزها على الأرباح دون إسهام فعلي في المجالين الاجتماعي والثقافي.
ويشتكي عدد من الفاعلين المحليين من استمرار تعاطي الأبناك مع الناظور بمنطق “الخزنة المفتوحة”، حيث تستغل هذه المؤسسات حركة التحويلات والاستثمارات الفردية لسحب الأرباح، دون أن تبادر في المقابل إلى تمويل مبادرات أو مشاريع لفائدة الساكنة أو الشباب.
دينامية تجارية مقابل غياب مجتمعي
ورغم أن الإقليم يعتبر من بين أكثر المناطق حيوية على الصعيد الوطني من حيث النشاط التجاري، إلا أن ذلك لا ينعكس على تدخل المؤسسات البنكية في دعم الأنشطة المجتمعية، باستثناء مبادرات معزولة تكاد تعد على رؤوس الأصابع، مما يطرح علامات استفهام حول مسؤولية هذه المؤسسات تجاه بيئتها الاجتماعية.
ويستحضر في هذا السياق ما أكده الملك محمد السادس في خطاب افتتاح البرلمان لسنة 2019، حين دعا الأبناك إلى تبني مقاربة أكثر انفتاحا وجرأة في دعم الاستثمار والأنشطة المجتمعية، منبها إلى أن الرواج الاقتصادي لا يمكن أن يتحقق دون قطاع بنكي مرن ومسؤول اجتماعيا.
غير أن أبناك الناظور، حسب المهتمين، لا تزال تغلق آذانها عن هذه التوجيهات، مفضلة الانسحاب من كل ما يرتبط بالفعل المواطني، رغم أنها تمول مبادرات كبرى في مدن أخرى، وتستثمر في مهرجانات وملتقيات تروج لها ضمن حملاتها التسويقية على أنها دعم للتنمية.
تهميش غير مبرر ومجتمع محلي يصارع
ويؤثر هذا التناقض الصارخ بشكل مباشر على المبادرات الثقافية والرياضية في الناظور، والتي غالبا ما تفتقد إلى الموارد الضرورية للاستمرار، وتجد نفسها مضطرة للاعتماد على دعم محدود من الجماعات الترابية أو بعض المحسنين، في غياب تام للفاعل البنكي المؤسسي.
ويزداد الشعور بالتهميش لدى الساكنة حين تقارن بين حجم الأرباح التي تحققها الأبناك في الإقليم، وبين أثرها شبه المنعدم في تمويل المشاريع أو توفير الدعم لبرامج بناء الإنسان وتأهيل الفضاء العام.
وأمام هذا الوضع، تتعالى الأصوات الداعية إلى مراجعة العلاقة بين الأبناك والمجتمع المحلي، وتحويل هذه المؤسسات من “مستفيد صامت” إلى “شريك فاعل” في تنمية الإقليم، انسجاما مع الروح الوطنية التي أكد عليها العاهل المغربي في أكثر من مناسبة.