بقلم: عبد العزيز برحايل
شهدت منطقة آيت بوكماز مؤخرًا مسيرة احتجاجية استثنائية، حيث خرج العشرات من السكان، رجالًا ونساءً، في مسيرة على الأقدام نحو عمالة بني ملال، تعبيرًا عن غضبهم الشديد من التهميش والإقصاء الذي تعيشه منطقتهم منذ سنوات طويلة. هذه الخطوة ليست مجرد احتجاج، بل هي صرخة قوية تكشف فشل السياسات المحلية والإقليمية والوطنية في توفير الحد الأدنى من شروط العيش الكريم.
منطقة آيت بوكماز تعاني في صمت. البنية التحتية مهترئة، والطرق غير صالحة، والمرافق الصحية والتعليمية شبه منعدمة، والعزلة تزداد قسوة في فصل الشتاء. السكان لا يطلبون المستحيل، بل يطالبون بحقوق بسيطة: مدرسة لأبنائهم، مستوصف يداوي آلامهم، طريق آمنة، وماء وكهرباء يضمنان الكرامة.
الغريب في الأمر أن هذه المعاناة ليست خفية، الكل يعلم بها: المسؤولون، المنتخبون، الجمعيات، وحتى البرلمانيون الذين من المفترض أن ينقلوا صوت المواطن إلى قبة البرلمان. لكن الواقع يؤكد أن صوت المواطن لا يُسمع، وأن من يُفترض فيهم تمثيله غائبون تمامًا عن قضاياه.
ما يحدث في آيت بوكماز ليس حالة استثنائية، بل صورة مصغّرة لما تعيشه عشرات وربما مئات المناطق الأخرى في المغرب. فالمغرب العميق لا يزال ينتظر دوره في التنمية، ولا يزال يئن تحت وطأة التفاوتات المجالية الصارخة. هذا الواقع المرير يطرح سؤالًا كبيرًا: ما جدوى الانتخابات والتمثيلية إذا كان المنتخبون أول من يتخلى عن ناخبيهم بعد الصناديق؟
إن هذه المسيرة وغيرها من الاحتجاجات السلمية ليست خطرًا على أمن الوطن كما يُروج له أحيانًا، بل الخطر الحقيقي يكمن في صمت المنتخبين، في تواطؤ بعض الفاعلين المحليين، وفي عجز المؤسسات المنتخبة عن أداء دورها. إنهم هم من يهددون استقرار المغرب الحقيقي، حينما يتجاهلون مطالب المواطنين، وحينما لا يوفون بوعودهم، وحينما يتعاملون مع المنصب كامتياز وليس كمسؤولية.
فهل سيصحو الضمير؟ أم أن صرخة آيت بوكماز ستُضاف إلى لائحة الصرخات المنسية؟