مراكش: بين نصيحة صادقة وابتزاز مفضوح… من يحمي مقاهي الشيشة من لغة المصالح؟

5 ساعات agoLast Update :
مراكش: بين نصيحة صادقة وابتزاز مفضوح… من يحمي مقاهي الشيشة من لغة المصالح؟

ميلودة جامعي 

تشهد مدينة مراكش في الآونة الأخيرة موجة من الجدل المتصاعد حول المقاهي التي تقدم الشيشة، وسط أصوات متضاربة بين من يعتبر هذه الفضاءات آفة اجتماعية تهدد القيم والأخلاق، ومن يرى فيها متنفسًا لفئة من الشباب، ووسيلة للعيش لفئة أخرى مهمّشة لا تملك شهادات ولا فرص بديلة.

غير أن اللافت في هذه الحملة، ليس النقاش حول الظاهرة في حد ذاتها، بل الجهات التي أصبحت ترفع راية “النصيحة”، فيما تُتهم في الكواليس بممارسات أقرب إلى الابتزاز منها إلى الغيرة المجتمعية. بعض هؤلاء — ممن يوصفون بـ”المرابين الجدد” — يركبون موجة التحذير من الشيشة، لا من باب حماية الصحة العامة أو الدفاع عن القيم، بل كوسيلة للضغط والابتزاز لتحقيق مصالح ضيقة، سواء مالية أو سلطوية.

من الإنصاف أن نقول إن بعض هذه المقاهي، رغم الانتقادات الموجهة لها، فتحت أبوابها لعدد من الشباب الذين لم تتح لهم فرصة الدراسة أو التكوين. فئة تعيش الهشاشة، وتجد في العمل بهذه الفضاءات مصدرًا للكرامة، وسبيلًا لإعالة أسرها.

كما أن هناك مقاهٍ أخرى تُدار بشكل منظم وتحترم المعايير، وتوفر فرص عمل لخريجين يحملون شهادات جامعية عليا، وجدوا أنفسهم في مواجهة جدار البطالة المقنّعة، فلجأوا إلى العمل الشريف بدل الانتظار العقيم.

الشارع المراكشي، ومعه بعض أرباب المقاهي، يتساءلون بمرارة: لماذا لا تُشن هذه “الحملات الإعلامية” إلا على بعض المقاهي دون غيرها؟ ولماذا هذا الصمت على مقاهٍ أخرى تُقدم نفس الخدمات وربما أكثر، لكنها محمية من “الضغط”؟
هل يتعلق الأمر فعلًا بنصيحة بريئة، أم أن ما يحدث هو توجيه انتقائي، يخدم مصالح معينة، تحت غطاء الفضيلة؟

الجميع متفق على ضرورة تنظيم هذه الفضاءات، واحترام القانون، ومنع التجاوزات. لكن ما يُطالب به المواطنون اليوم هو العدالة في التعامل مع كل المقاهي دون استثناء، والقطع مع أسلوب الاستهداف الانتقائي الذي يثير الشبهات ويغذي الإشاعات.

إن شباب مراكش لا يحتاجون إلى مزيد من التهميش أو الشيطنة، بل إلى فرص، إلى تنظيم عادل، إلى دعم صادق، وإلى حماية من لغة الابتزاز المتخفي خلف الأقنعة.

 

اترك رد

Breaking News