تحرير: أسامة اعنيبة
في الضاحية الغربية لمدينة مراكش، تقع جماعة آيت إيمور، واحدة من الجماعات القروية التابعة لعمالة مراكش ضمن جهة مراكش آسفي. ورغم هذا القرب الجغرافي من المدينة الحمراء، لا تزال آيت إيمور تُصارع من أجل انتشال نفسها من واقع التهميش التنموي، متأرجحة بين هويتها القروية وطموحاتها نحو تحول حضري منتظر.
بلغ عدد سكان الجماعة، حسب معطيات إحصاء سنة 2024، أكثر من 17 ألف نسمة، فيما تشير تقديرات أخرى إلى تجاوز العدد 22 ألف نسمة في السنوات الأخيرة، موزعين على مجموعة من الدواوير المتفرقة مثل: دوار آيت خمان السبت، آيت علي موسى، آيت خمان الصحراوي، عزيب الحاج، أولاد مسافر، آيت لحسن، وغيرها.
لكن خلف هذه الأرقام، تختبئ تحديات يومية ومعاناة مزمنة.
يعد التعليم أحد أبرز القطاعات التي تواجه صعوبات هيكلية في الجماعة. فمشكل الهدر المدرسي بات يهدد مستقبل أزيد من 175 تلميذا، نتيجة أسباب معقدة أهمها بُعد المؤسسات التعليمية عن الدواوير. حيث يضطر بعض التلاميذ إلى مغادرة منازلهم فجرا لبلوغ المدرسة، بينما يحرم آخرون من الحصص المسائية بسبب مشقة التنقل وانعدام النقل المدرسي الكافي.
تعاني البنية التحتية الطرقية من هشاشة واضحة، تجعل التنقل بين الدواوير أمرا شاقا، خاصة في فصول الشتاء. ويزيد غياب الإنارة العمومية في بعض المناطق من معاناة السكان، لا سيما النساء والتلاميذ، ويضاعف من الإحساس بالتهميش.
رغم توفر خدمات الماء والكهرباء في عدد من مناطق الجماعة، فإن الشكاوى من الانقطاعات المتكررة، خاصة خلال فصل الصيف، تبقى حاضرة بقوة، ما يطرح تساؤلات حول جودة الخدمات المقدمة وفعالية التدخلات التقنية لتدارك الأعطاب.
يبقى النقل العمومي أحد أبرز الحلقات المفقودة في سلسلة تنمية الجماعة، حيث يعاني السكان من صعوبات كبيرة في التنقل، سواء نحو المدينة أو بين دواوير الجماعة، وهو ما يؤثر سلبا على فرص العمل، الدراسة، وحتى الاستفادة من الخدمات الصحية والإدارية.
تمثل جماعة آيت إيمور نموذجا حيا للتحديات التي تعيشها الجماعات القروية المحاذية للحواضر الكبرى. ورغم الطموحات الكبيرة للساكنة في تحسين جودة العيش والولوج العادل للخدمات، فإن وتيرة الاستجابة المؤسساتية تبقى متواضعة، وتحتاج إلى تظافر جهود مختلف الفاعلين: من سلطات محلية، ومجالس منتخبة، ومجتمع مدني نشيط.
اليوم، ومع تزايد الضغط الديمغرافي، وتنامي الوعي المجتمعي، تبقى جماعة آيت إيمور في حاجة ماسة إلى تدخلات حقيقية تُعيد رسم ملامح تنمية عادلة وشاملة، تحفظ كرامة الساكنة، وتفتح أمامها أفقا جديدا يتجاوز حدود التهميش والإقصاء.