أحكام قضائية ثقيلة تهز الرأي العام: البدراوي وكريمين والطنجي بين قبضة العدالة.

29 يوليو 2025Last Update :
أحكام قضائية ثقيلة تهز الرأي العام: البدراوي وكريمين والطنجي بين قبضة العدالة.

في مشهد قضائي صاخب يعكس تحولات عميقة في ملامح السلطة والمحاسبة بالمغرب، أسدلت محكمة الاستئناف، مساء اليوم، الستار على واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل، بإصدار أحكام ثقيلة في حق ثلاث شخصيات معروفة، بعد متابعتهم في ملفات مرتبطة باختلالات مالية وتدبيرية، طالت مجالات السياسة والرياضة والإدارة التقنية.

في مقدمة المعنيين، عزيز البدراوي، الرئيس السابق لنادي الرجاء الرياضي، الذي طالما قدّم نفسه كرجل أعمال ناجح وفاعل في الحقل الرياضي، وجد نفسه هذه المرة في قفص الاتهام لا في قاعة المؤتمرات. المحكمة أدانته بست سنوات سجناً نافذاً، مع الحكم بمصادرة ممتلكاته بما يعادل مليار سنتيم، وأداء غرامة مالية ثقيلة بلغت عشرة ملايين درهم. التهم الموجهة إليه لم تكن بسيطة، بل تمحورت حول سوء التدبير واستغلال النفوذ، خاصة في ما يتعلق بتسيير شركاته الخاصة وأنشطته المرتبطة بالنادي الأخضر.

ويبدو أن اسم البدراوي، الذي ارتبط لفترة بآمال جماهير الرجاء في إنقاذ الفريق من أزماته، سيظل هذه المرة عالقاً في الذاكرة القضائية، لا بسبب إنجاز رياضي، بل في سياق تورط مفترض في ممارسات تُعد نموذجاً للخلل الذي يمكن أن يصيب التسيير عندما يختلط المال بالرياضة والسلطة.

أما محمد كريمين، النائب البرلماني السابق ورئيس جماعة بوزنيقة، فقد كان بدوره على موعد مع لحظة حاسمة في تاريخه السياسي، إذ حكمت عليه المحكمة بسبع سنوات سجناً نافذاً، على خلفية تورطه في ملفات فساد مالي وسوء تدبير الشأن العام المحلي. قضايا كريمين لم تكن حديثة على الرأي العام، بل كانت محل جدل واسع لسنوات، وتناقلتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل في أكثر من محطة، إلى أن جاء وقت الحسم القضائي. سقوطه المدوي من منصة القرار إلى زنزانة العقاب يعيد طرح أسئلة مؤرقة حول شفافية تدبير الجماعات الترابية وربط المسؤولية بالمحاسبة.

أما المفاجأة الثالثة فكانت من نصيب المهندس المتقاعد الطنجي، الذي أُدين بأربع سنوات سجناً نافذاً، لتورطه في خروقات تتعلق بصفقات عمومية ومشاريع تقنية أنجزت بجماعة بوزنيقة، ما يؤكد أن دوائر الفساد لا تقف عند السياسيين وأصحاب النفوذ فقط، بل تمتد إلى تقنيين وخبراء ممن يفترض فيهم النزاهة والدقة.

هذه الأحكام، بما لها من رمزية، تأتي في سياق حملة وطنية واسعة لمحاربة الفساد، حملة لم تعد تقتصر على الشعارات والخطب، بل تتجسد اليوم في قرارات قضائية تمضي بثبات نحو تكريس مبدأ “لا أحد فوق القانون”. كما تعكس هذه القرارات التحول الملموس في دور القضاء المغربي، الذي يسعى في الآونة الأخيرة إلى تثبيت استقلاليته وتعزيز ثقة المواطنين في مؤسسة العدالة.

وإذا كانت هذه الأحكام ستخلف دون شك صدى مدوياً في الأوساط السياسية والرياضية، فإن الأهم من ذلك، هو ما ستخلفه في وعي المواطن المغربي، الذي بات يطالب بمساءلة كل من تورط في إهدار المال العام، أياً كانت رتبته أو شعبيته.

العدالة اليوم تقول كلمتها، وقد آن للمؤسسات أن تتنفس هواءً أنقى، خالياً من روائح الفساد والمحسوبية. والأكيد أن الأيام القادمة ستكون حبلى بالتفاعلات، وربما بالمفاجآت، في مشهد لا يزال يعيد تشكيل علاقته بالسلطة والشفافية والمحاسبة.

اترك رد

Breaking News