أسدلت غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالرباط، ليلة الخميس الماضي، الستار على واحدة من أكثر القضايا الجنائية تعقيدًا وإثارة، والتي توبع فيها مستشار جماعي سابق عن جماعة سيدي بطاش بإقليم بنسليمان، إلى جانب نجله وحارس ضيعته، من أجل جناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد في حق شاب عشريني.
وقضت المحكمة بتأييد الحكم الابتدائي الصادر في يونيو 2023، والقاضي بالسجن المؤبد في حق المتهمين الثلاثة، الذين ظلوا رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن تامسنا منذ خمس سنوات، عقب توجيه اتهامات إليهم تتعلق بتصفية الضحية داخل ضيعة فلاحية بضواحي سيدي يحيى زعير، مع السعي لإخفاء معالم الجريمة عبر إظهارها على أنها عملية انتحار.
وتعود وقائع القضية إلى صيف سنة 2020، حينما عُثر على جثة الشاب، من مواليد 1996، معلقة إلى جذع شجرة داخل ضيعة المستشار الجماعي، ما أثار حالة من الصدمة والريبة وسط ساكنة سيدي بطاش، لتسارع السلطات بفتح تحقيق دقيق تحت إشراف النيابة العامة، انتهى بإسقاط فرضية الانتحار وتثبيت تهمة القتل العمد في حق المستشار ورفيقيه.
التحقيقات التي باشرها المركز القضائي للدرك الملكي بعين العودة كشفت عن قيام المتهمين بتعطيل كاميرات المراقبة المثبتة داخل الضيعة قصد الحيلولة دون توثيق الجريمة، فيما أظهر تقرير التشريح الطبي دلائل واضحة على تعرض الضحية للعنف قبل وفاته. واعتمدت المحكمة في تعليل قرارها على شهادات تقنية وطبية، إضافة إلى تصريحات أزيد من عشرين شاهداً، اعتُبرت بمثابة قرائن قوية على تورط المتهمين في ارتكاب الجريمة.
كما يتابع في الملف نفسه شخصان آخران، أحدهما امرأة، في حالة سراح، بتهم تتعلق بالتستر والمشاركة وعدم التبليغ عن جناية، بعدما خضع الجميع لتحقيقات تفصيلية مطولة أمام قاضي التحقيق، في محاولة لفك خيوط هذه الجريمة التي استأثرت باهتمام الرأي العام المحلي والوطني.
ورجّحت مصادر قريبة من الملف أن تكون خلفيات الجريمة مرتبطة بخلافات عائلية قديمة بين الضحية وعائلة المستشار، خاصة في ظل ورود شهادات تؤكد تلقي الضحية تهديدات مباشرة قبل مقتله، حسب ما صرّح به بعض أفراد أسرته.
