الصحة الرقمية في المغرب.. بين الأمل والتحديات

ساعة واحدة agoLast Update :
الصحة الرقمية في المغرب.. بين الأمل والتحديات

يشهد قطاع الصحة في المغرب تحولات متسارعة بفعل دخول التكنولوجيا الرقمية إلى قلب المنظومة الطبية، إذ باتت الرقمنة وسيلة أساسية لتقليص الفوارق المجالية وتحسين جودة الخدمات الصحية. فبينما تعاني مناطق واسعة من نقص في البنية التحتية الطبية والكوادر المتخصصة، يفتح التطبيب عن بُعد وتطبيقات الصحة الإلكترونية آفاقاً جديدة لتقريب الرعاية من المواطن، خاصة في القرى والمناطق الجبلية.

تقول فاطمة، وهي سيدة من نواحي الحوز، إنها كانت تضطر للسفر أكثر من 70 كيلومتراً من أجل استشارة طبيب متخصص في أمراض القلب بالمدينة. لكن بعد أن وفرت جمعيات محلية خدمة الاستشارة الطبية عبر شاشة في المركز الصحي القريب من قريتها، أصبحت تتابع حالتها بانتظام من دون عناء التنقل. وتضيف: “بالنسبة لنا هذا التطور بمثابة حياة جديدة، نوفر المال والوقت ونشعر أن الطبيب قريب منا رغم البعد.”

من جهته، يرى الدكتور هشام، طبيب عام يعمل في منطقة الأطلس المتوسط، أن الرقمنة ساعدت الأطباء على متابعة ملفات المرضى بشكل أفضل: “عندما يكون الملف الطبي إلكترونياً، أستطيع الاطلاع على تاريخ المريض بدقة، وأتجنب تكرار الفحوصات غير الضرورية. لكننا ما زلنا نحتاج إلى تكوين معمق في هذه التكنولوجيا، حتى نستفيد منها بشكل كامل.”

ورغم هذه النجاحات، ما تزال التحديات قائمة. فضعف تغطية الإنترنت في بعض المناطق، ونقص التجهيزات الرقمية، يشكلان عقبة أمام تعميم هذه التجربة. كما أن عدداً من الأطباء والممرضين لم يتلقوا تكويناً كافياً في التعامل مع التقنيات الحديثة، ما يقلل من فعاليتها. يضاف إلى ذلك إشكالية حساسة تتعلق بأمن البيانات الصحية وضرورة وضع إطار قانوني يضمن سرية المعلومات الطبية وحماية خصوصية المواطنين.

ويؤكد خبراء أن المغرب يستطيع الاستفادة من تجارب دول سبقت في هذا المجال، مثل الهند ورواندا، حيث نجحت التكنولوجيا الرقمية في ربط الأطباء بالمناطق النائية وتخفيف الضغط على المستشفيات المركزية. ويشير المهندس التقني عبد اللطيف، الذي يواكب مشاريع رقمية في القطاع الصحي، إلى أن “النجاح رهين بتعاون حقيقي بين الدولة والقطاع الخاص، وبإدماج الشباب المغربي المبدع في مجال تكنولوجيا الصحة.”

إن رقمنة قطاع الصحة ليست ترفاً تقنياً، بل أصبحت ضرورة ملحة لضمان الحق في العلاج وتقليص الفوارق بين المواطنين. نجاح هذا المشروع رهين بإرادة سياسية قوية، وتخطيط استراتيجي طويل المدى، وتعاون حقيقي بين مختلف الفاعلين. بذلك، يمكن أن تتحول الصحة الرقمية إلى رافعة أساسية لإصلاح المنظومة الصحية في المغرب، وتمنح المواطنين فرصة الولوج إلى خدمات عصرية وعادلة بغض النظر عن موقعهم الجغرافي.
اية الاجراوي

اترك رد

Breaking News