الشيخ كمال رزقي الشرقاوي القادري.. شيخ الزاوية ببوسكورة ورافد الأخوة الروحية بين المغرب والجزائر

27 سبتمبر 2025Last Update :
الشيخ كمال رزقي الشرقاوي القادري.. شيخ الزاوية ببوسكورة ورافد الأخوة الروحية بين المغرب والجزائر

 

شهدت الزاوية القادرية الرازقية حدثًا روحانيًا يضاهي في رمزيته أعمق معاني التواصل الأخوي بين الشعوب، ففي حضرة الشيخ العارف بالله سيدي كمال الشرقاوي القادري الذي كرس حياته لخدمة طريق التصوف وتوريث معانيه الخالدة، تم إهداء شعرة مباركة من شعر سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى الشريف عبد الرحمان حمادي الإدريسي القادم من الجزائر. لم يكن هذا المشهد مجرد تسليم أثمن النفحات النبوية، بل كان ترجمة حية لتاريخ طويل من التواصل الصوفي بين المغرب والجزائر، ذلك التواصل الذي لم تستطع الجغرافيا ولا السياسة أن تقطعه.

وإذا كانت اليد الممدودة التي أكد عليها جلالة الملك محمد السادس في خطبه السامية تجاه الأشقاء الجزائريين قد شكلت عنوانًا صريحًا لرغبة المملكة المغربية في تجاوز الخلافات الظرفية، فإن ما جرى في رحاب الزاوية القادرية الرازقية ببوسكورة جاء كتجسيد عملي لهذه الدعوة الملكية. فبينما تمتد اليد السياسية من أعلى هرم الدولة بدعوة أخوية للحوار، تمتد اليد الروحية من خلال هذه المبادرات لتقول إن الوحدة ليست شعارًا بل ممارسة، وإن التصوف بما يحمله من قيم المحبة والصفاء قادر على أن يكون جسرًا استراتيجيًا لوصل ما انقطع.

الزاوية القادرية الرازقية ببوسكورة ليست مجرد بناء يضم الذاكرين، وإنما منار حي يشع بقيم الروح ويستقطب مريدين من داخل المغرب وخارجه، ليجدوا فيها مأمنًا للسكينة وملاذًا للصفاء. فهي امتداد لتراث صوفي عريق أسسه رجال صدقوا العهد مع الله، فجعلوا من ذكره جسرًا للتواصل ومن صحبة الصالحين مدرسة لبناء الإنسان. الشيخ كمال الشرقاوي القادري، بصفائه العلمي والروحي، استطاع أن يعيد للتصوف المغربي ألقه، فجعل من زاويته فضاءً للقاء الأرواح الساعية إلى الحق، ومرجعًا للباحثين عن التزكية في زمن يشتد فيه ضجيج الماديات.

اللقاء مع الشريف عبد الرحمان حمادي الإدريسي القادم من الجزائر لم يكن مجرد زيارة ذات بعد شخصي أو روحي، بل شكل فعلًا اجتماعيًا وسياسيًا عميقًا يؤكد أن الروابط الروحية أقوى من الخلافات الظرفية، وأن القلوب حين تلتقي حول الذكر والمحبة تُعيد بناء الجسور التي هدمتها العواصف.

الزاوية القادرية الرازقية ببوسكورة، بهذا المعطى، تتحول إلى ما يشبه فضاءً رمزيًا عابرًا للحدود، يجتمع فيه المغاربة والجزائريون على أرضية مشتركة من الذكر والمحبة، فتذوب الفوارق وتبقى المعاني الكبرى: الأخوة، الصفاء، وامتداد الروح في فضاء الأمة. إنها لحظة تختزل قوة الرموز حين تتحول إلى وقائع، وتبرهن أن للروح مساراتها الخاصة في السياسة والاجتماع، مسارات لا تُقاس بحدود الخرائط بل بمدى قدرة الإنسان على الانفتاح على أخيه الإنسان.

من هنا يتأكد أن ما قام به الشيخ سيدي كمال الشرقاوي القادري ليس مجرد فعل صوفي عابر، بل خطوة في بناء معمار معقد من الوصل بين المغرب والجزائر، يلتقي فيه التاريخ بالدين، والسياسة بالروح، في مشهد واحد عنوانه الأمل في وحدة قادمة.

اترك رد

Breaking News