مرة أخرى، يتأكد أن معاناة المواطن البسيط مع قطاع الصحة بإقليم برشيد لم تعد مجرد حالات معزولة، بل أصبحت واقعًا يوميًا مؤلمًا يفضح سوء التدبير وغياب الضمير المهني..دار الولادة بأولادعبو، التي شُيّدت لتقريب الخدمات الصحية من النساء الحوامل وتوفير شروط الولادة الآمنة، تحولت إلى فضاء يتوقف دوره عند حدود “متابعة الحمل” بينما تُوجَّه النساء في لحظة الوضع إلى مستشفيات أخرى كبرشيد وسطات، دون مرافقة طبية أو ضمانات للرعاية.
حادثة مؤلمة اليوم 6 نونبر 2025 عاشتها أسرة من ذوي الدخل المحدود، حين نُقلت زوجة في حالة مخاض من أولادعبو إلى مستشفى الرازي ببرشيد، ثم إلى مستشفى الحسن الثاني بسطات، قبل أن يُطلب منها مواصلة الطريق نحو الدار البيضاء! رحلة طويلة محفوفة بالمخاطر، بلا عناية ولا مرافقة، كان يمكن أن تنتهي بكارثة لولا تدخل قلوب رحيمة وجهتها إلى مصحة خاصة بسطات..أليس هذا عبثًا بأرواح المواطنين؟
إن ما يحدث اليوم ليس فقط نتيجة خلل إداري، بل يجعل المواطن يشعر كأنه يواجه ردة فعل من بعض العاملين بالقطاع تجاه حدة نقد المواطنين للقطاع والمشرفين، في وقت يفترض فيه أن يكون النقد فرصة لتحسين الخدمات وليس ذريعة للإهمال..كيف يعقل أن تُوجَّه امرأة في حالة ولادة من مرفق صحي إلى آخر كأنها “ملف إداري” يُتداول بين المكاتب؟ وأين هو الضمير المهني والمسؤولية التي يفترض أن يتحلى بها مسؤولو الصحة في الإقليم؟
ما يثير الاستغراب أكثر هو صمت المندوبية الإقليمية للصحة ببرشيد، والاكتفاء بالمبررات وكأن هذه المبررات تعفيها من واجب المتابعة الميدانية والاجتهاد في إيجاد الحلول .. فالمندوبية الإقليمية ليست جهازًا للتبرير، بل مؤسسة للتدبير، ومن واجبها تحمل مسؤولياتها في ضمان اشتغال المرافق الصحية بما يخدم كرامة المواطن، لا أن تتحول إلى مكتب لتبادل الأعذار.
أما مستشفيَا الرازي ببرشيد والحسن الثاني بسطات، فإن طريقة تعاملهما مع الحالات القادمة من أولادعبو تطرح أكثر من علامة استفهام، في ظل استمرار سياسة “الإرسال العشوائي” دون مرافقة أو متابعة، في خرق صريح لكل القواعد الطبية والإنسانية .. لقد آن الأوان لتتحمل الجهات الصحية الإقليمية مسؤوليتها الكاملة، وأن تتوقف عن تعليق فشلها على “المشكل الوطني”.
الوضع لم يعد يحتمل الصمت، والمطلوب اليوم تدخل عاجل من وزارة الصحة والمفتشية العامة لفتح تحقيق ميداني، ومساءلة المسؤولين عن هذا الخلل الفاضح في المنظومة الصحية بالإقليم .. فكرامة المواطن ليست تفصيلًا إداريًا، بل هي جوهر كل سياسة عمومية مسؤولة.
#ديماتيفي_نيت
#برشيد
