بقلم: #د_عبدالرحيم_موهوب
المسؤولية تقتضي الالتزام بالقانون والقيم والأخلاق والابتعاد عن الشبھات وكل تصرف أو فعل من شأنھ أن ينقص من ھيبة المسؤولة أوالمسؤول، وكلما زاد موقعھ داخل السلطة وزادت مھامھ ارتفع معھ بالضرورة وضعھ الاجتماعي والسياسي في ھرم المؤسسات، وھذا يجعلكل شبھة أو فعل أو تصرف كيفما كانت قيمتھ ويدخل ضمن دائرة الشر يخلف استياء لدى الرأي العام، وإذا أحدث ھذا السلوك ضررايجعل المتابعة القضائية أمرا محتوما.
ولعل تداول صورة ونشرھا على وسائل إعلام استرالية تنسبھا إلى رجل أعمال استرالي لھ مصالح اقتصادية مع المغرب ووزيرة مغربية فيباريس، يجعل من الشبھة لا تقف عند سلوك القبل وإمتاع الجسد، وإنما يتجاوز الفعل إلى طرح التساؤل حول وجود شبھة ترتبط بالفسادالمالي وايس فقط فساد الشفاھ. فأن تظھر صورة وخبر صادر عن وسائل إعلامية تتحدث عن وجود علاقة عاطفية بين السيدة الوزيرة ورجلأعمال تجمھ مع إحدى مؤسسات الدولة علاقات اقتصادية مرتبطة بالاستثمار في مجال قريب أو يلامس اختصاصات الوزارة التي تشرفعنھا، فإن الأمر يستوجب ضرورة وعقلا ومنطقا فتح تحقيق قضائي نزيھ وشفاف وعادل من أجل رفع اللبس والغموض عن ھذھ الشبھاتبنفيھا أو تأكيدھا. فالأمر ليس علاقة حب بين وزيرة ورجل أعمال من أجل تحقيق رغبة وقشعريرة عاطفية، وإنما الأمر يتعلق بعلاقة انسجامبين السلطة والمال، حيث أن شفاھ المال وأيدي المال تنقض على شفاھ السلطة زيجعل ھذھ الأخيرة بين أحضان المال، وكأن الصورة تقول – إن كانت حقيقية – أن منظومة المال تستطيع أن تشتري وتحتوي السلطة.
نعم السيدة الوزيرة أصدرت بلاغا تفند فيھ ھذھ الإدعاءات وتؤكد أن لا علاقة تربطھا بالصورة، ولو كان الأمر كذلك فإن كل شخص يتماتھامھ بفعل ضار يشكل جريمة يقوم بتصريح ينفي فيھ الفعل وتنتھي القصة، فأغلب القضايا الجنائية والجنحية تجد المتھمين فيتصريحاتھم ينفون تلك الأفعال أو ببررونھا، غير أن النيابة العامة تقوم بإتمام مسار البحث وتحيلھم على قضاء التحقيق أو الحكم. ولأننامتساوون أمام القضاء، والدستور لم يعطي أفضلية لأحد على أحد ولو كان مسؤولا كيفما كانت مھمتھ وخذا ما أكدتھ المواد من 265 آلى268 من قانون المسطرة الجنائية، فالواجب على السيد رئيس النيابة العامة أن يأمر بفتح تحقيق عاجل في ھذھ القضية.
أقول فتح تحقيق لأن الشبھة تتعلق بشبھة فعل يشكل جناية، فرجل الأعمال يستثمر في المغرب وربح صفقة في مجال أو قطاع تشرف عليھالوزيرة، لذلك فإن رقعة الاشتباھ تزداد اتساعا، فما الذي يدري أن رجل الأعمال وفي إطار الشبھة العاطفية يكون قد حصل من السيدةالوزيرة بإفادات ساعدتھ على تحضير جيد لملف الصفقة. فنحن إذا أمام اشتباھ جريمة الغدر التي نص عليھا وعلى عقوبتھا في الفصل242 من مجموعة القانون الجنائي المغربي، والسيدة الوزيرة تعتبر موظفة بمقتضى الفصل 224 من نفس القانون. فالأمر يتعلق بأموالالشعب وھم دافعو الضرائب وليس فقط شبھة القبلة. فالحق في امتلاك الجسد قائم ولكن التصرف بسوء نية في معلومات تتوفر عليخا بحكموظائفھا ھي شبھة نورھا ساطع وجب توضيحھ عبر بحث قضائي.
وأما الاكتفاء بإصدار بلاغ ينفي الفعل فھذا يؤكد فقط أن السيدة الوزيرة تعتبر نفسھا فوق المتابعة وأن بلاغھا مقدس لا يأتيھ الباطل منيديھ ولا من خلفھ، ولو كانت السيدة الوزيرة تحترم المؤسسات وتحترم إرادة الشعب الذي أوصلھا للمسؤولية عن طريق الانتخابات لبادرتبنفسھا الى وضع شكاية أمام القضاء تطالب من خلالھا بفتح تحقيق قضائي.