بقــلم : هاجر القاسمي
في خطوة انتظرها الكثيرون، أُعلن أمس عن التعديل الوزاري الجديد في المغرب، حيث تم تعيين عدد من الوزراء في مناصب حساسة وحيوية، كان من المتوقع أن يُعزز هذا التعديل آمال المواطنين في رؤية تغيير إيجابي في أداء الحكومة، إلا أن الحدث قوبل بجدل واسع، فقد انتشر مقطع فيديو لأحد الوزراء الجدد وهو يرقص على أنغام أغنية شعبية، مما أثار استياء العديد من المغاربة وطرح تساؤلات حول معايير اختيار المسؤولين في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد.
يعيش المغرب تحديات كبيرة، سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية، وكان هناك ترقب كبير لنتائج هذا التعديل، كان الأمل معقودًا على أن تشهد الحكومة وجوهًا جديدة تحمل الكفاءات اللازمة للتصدي لهذه التحديات، إلا أن هذا التوقع اصطدم بواقع محبط، حيث تزامن التعيين مع فيديو يظهر سلوكيات لا تعكس جدية المسؤولية التي تحملها المناصب العليا.
من الناحية السياسية، يأتي هذا الجدل في وقت حساس، حيث تواجه الحكومة المغربية مطالبات متزايدة بالإصلاحات، سواء في المجال الاجتماعي أو الاقتصادي وبالرغم من أن الفيديو قد يبدو للبعض حدثاً عابراً، إلا أنه يعكس الفجوة بين التوقعات الشعبية وسلوكيات بعض المسؤولين، وفي ظل انتشار وسائل الإعلام الجديدة ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبح من الصعب تجاهل هذه التصرفات التي تؤثر بشكل مباشر على صورة الحكومة، في ظل الأزمات المتلاحقة، ينتظر المواطنون من وزراء “حكومة الكفاءات” اتخاذ قرارات حازمة وجادة، وليس استعراضات لا تليق بمسؤولياتهم.
في ظل هذه الظروف، يبدو أن الحكومة تعاني من فشل في تحقيق وعدها بتقديم “حكومة الكفاءات”، العديد من المواطنين شعروا بخيبة أمل حيال هذه الاختيارات، خاصة في ظل غياب الشفافية في عملية التعيين.
ومن هنا يطرح السؤال: هل تعتمد الحكومة على الكفاءة في اختياراتها أم أن هناك معايير أخرى تؤثر على هذه القرارات؟
المسؤولية تجاه الشعب تتطلب من الوزراء اتخاذ خطوات ملموسة تدل على الالتزام والجدية. لا يمكن تبرير مثل هذه التصرفات، خاصةً عندما يكون المغرب في حاجة ماسة لإصلاحات حقيقية، ردود الفعل السلبية عبر وسائل التواصل الاجتماعي تعكس مشاعر الإحباط وفقدان الثقة في قدرة الحكومة على تحقيق الإصلاحات الضرورية.
على الحكومة أن تدرك أن ردود الفعل الغاضبة ليست مجرد عابرة، بل هي تجسيد للخيبة الشعبية، إن الاعتذار عن سلوك غير لائق قد لا يكون كافيًا في ظل الحاجة الملحة للإجراءات الفعالة فالمغاربة ينتظرون أفعالاً ملموسة، وليس مجرد استعراضات قد تؤدي إلى مزيد من الإحباط.
في المحصلة، التعديل الوزاري الأخير كان فرصة لإعادة الثقة بين الحكومة والشعب، ولكنه تحول سريعًا إلى مصدر للجدل، إن مستقبل المغرب يعتمد على قدرة الحكومة على الاستجابة لاحتياجات المواطنين، وضرورة أن يتجسد الالتزام بالمصلحة العامة في كل أفعال المسؤولين، لا بد من أن يتحلى الوزراء بالجدية والتفاني في العمل، ويعكسوا قيم المسؤولية التي يتوقعها الشعب، سواء في مواقعهم الرسمية أو في حياتهم الخاصة.