يشهد إقليم الحسيمة في شمال المغرب أزمة سياحية غير مسبوقة، رغم ما يتمتع به من جمال طبيعي خلاب وتاريخ ثقافي غني، حيث يجد نفسه في حالة من الركود السياحي الحاد. ويعرب أصحاب الفنادق المصنفة عن استيائهم من ضعف الإقبال على المنطقة، ويؤكدون أن المشكلة ليست في جودة الخدمات أو الوحدات السياحية، بل في غياب استراتيجية تسويقية فعّالة قادرة على إبراز المؤهلات السياحية الهائلة التي يزخر بها الإقليم.
يتميز إقليم الحسيمة بمجموعة من المؤهلات الطبيعية الفريدة التي تجعل منه وجهة سياحية لا مثيل لها. من شواطئه الرائعة ذات الرمال الرمادية مثل شاطئ بوجيبار وأمزورن، إلى الجبال الشاهقة التي توفر مناظر طبيعية خلابة، يعد الإقليم مكانًا مثاليًا لمحبي الطبيعة والمغامرة. يُعتبر منتزه الحسيمة الوطني من أبرز المعالم السياحية، حيث يضم أكثر من 200 مغارة وكهف يمكن استكشافها، بالإضافة إلى التنوع البيولوجي الغني الذي يميز المنطقة.
الحسيمة ليست فقط وجهة لمحبي البحر والطبيعة، بل تتمتع أيضًا بتاريخ ثقافي عميق يضيف بُعدًا آخر للزيارة. من أبرز المعالم التاريخية التي يقصدها السياح ضريح الشيخ علي حسون الأدوزي في قرية أدوز، التي تقع في قلب المرتفعات المحيطة بالحسيمة. يُعد هذا الضريح وجهة دينية وتاريخية مهمة في المنطقة، ويمنح الزوار فرصة الاستمتاع بإطلالة بانورامية ساحرة على وديان الريف.
وتُعد الأنشطة المائية في الحسيمة من أبرز عوامل الجذب السياحي، حيث يمكن للسياح الاستمتاع بتجربة السباحة مع الدلافين أو الغوص في المياه الصافية لاكتشاف الحياة البحرية المتنوعة. بالإضافة إلى ذلك، توفر المنطقة بيئة مثالية لممارسة رياضات مثل المشي لمسافات طويلة في الجبال والمرتفعات أو التنزه في مناطقها الريفية الهادئة.
لكن على الرغم من هذه المؤهلات الاستثنائية، يعاني القطاع السياحي في الحسيمة من ضعف شديد في الترويج، مما أدى إلى تراجع كبير في الإقبال السياحي. يشكو أصحاب الفنادق والمطاعم من تدني عدد الزوار، مما يهدد مصدر رزقهم. ويرجع المهنيون هذا الركود إلى غياب حملات تسويقية فعّالة للتعريف بالمنطقة، بالإضافة إلى نقص الفعاليات الثقافية التي يمكن أن تستقطب الزوار. كما يؤكدون أن تحسين البنية التحتية وتطوير حملات دعائية تبرز المعالم السياحية ستكون ضرورية لإنعاش القطاع.
لا تقتصر معالم الحسيمة على جمالها الطبيعي فحسب، بل تحتضن أيضًا جزءًا كبيرًا من الثقافة المحلية والمطبخ التقليدي الذي لا بد من تذوقه خلال الزيارة. من الكسكس الريفي المحضر بالقرع والسميد، إلى المسفوف المحشو باللحم والخضروات، يشتهر المطبخ المحلي بتقديم أطباق لذيذة ومميزة تعكس التراث الغني للمنطقة. كما أن عسل الزعتر والروكو، الحلوى التقليدية، تعد من الأطعمة التي تحظى بشعبية كبيرة بين الزوار.
يحتاج إقليم الحسيمة إلى تحرك عاجل من الجهات المعنية لتنشيط قطاع السياحة، بدءًا من تحسين الحملات الترويجية، مرورًا بتطوير البنية التحتية، وصولاً إلى تنظيم مهرجانات ثقافية وفنية قد تعيد الحياة للقطاع وتستقطب الزوار من داخل وخارج المغرب. إذا تم الاستثمار بشكل سليم في هذه الموارد الفائقة الجمال، فإن الحسيمة ستتحول إلى واحدة من أبرز الوجهات السياحية في المملكة.
تحرير:سلمى القندوسي