تُعد منصة Tata Connect حدثًا محوريًا في سعي المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لدعم وتأهيل الشباب في منطقة طاطا، حيث تساهم في تعزيز قدراتهم الرقمية وتوفير فرص عمل مبتكرة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه المنطقة. هذه المبادرة تأتي في وقت حرج، حيث تواجه طاطا ضعفًا في المنشآت الصناعية الكبرى التي تخلق فرص عمل، بالإضافة إلى التأثيرات السلبية للجفاف على القطاع الفلاحي الذي كان يشكل مصدر رزق أساسي. ومن هنا، تبرز الرقمنة كحل مستدام لدعم الشباب في الحصول على وظائف، لا سيما مع الاستراتيجية الوطنية “المغرب الرقمي 2030” التي تهدف إلى تحويل المغرب إلى قطب لتقنيات المعلومات.
من خلال إطلاق منصة Tata Connect، تمكنت اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية في إقليم طاطا من فتح الباب أمام العديد من المبادرات المماثلة في مختلف مناطق المملكة، وهو ما يعكس الإرادة القوية والتفكير الاستراتيجي لهذه اللجنة في تحسين وضعية الشباب. خلال الأشهر الستة التحضيرية لبرامج المنصة، استفاد 20 شابًا وشابة من أصل 426 طلبًا قدمته المنصة، ليكتسبوا مهارات متنوعة في البرمجة باستخدام بايثون، تعلم اللغة الإنجليزية، تقنيات Django وKivy، بالإضافة إلى HTML وCSS، وتصميم المواقع والتطبيقات.
واختتمت منصة Tata Connect في 21 دجنبر الماضي، هاكثون الأمن السيبراني الذي نظمته بالتعاون مع فريق “The Elites Security” من مدرسة 1337، حيث خاض المتدربون تحديات محاكاة للأمن السيبراني مستوحاة من منصة Hack The Box. استمر الهاكثون لمدة 72 ساعة، تم خلالها تحدي المشاركين لاكتشاف الثغرات الأمنية وحل المشكلات ضمن فرق عمل تعاونية، مما أتاح لهم فرصة كبيرة لاكتساب خبرات عملية في مجال الحماية السيبرانية. ورش العمل التفاعلية التي قدمها الفريق التخصصي ساعدت المشاركين في تعزيز مهاراتهم في هذا المجال الحيوي.
ورغم التحديات التي تواجه المشروع، بما في ذلك برمجة الورش في فصل الصيف بسبب الطقس الحار ووجود عدد كبير من المتقدمين مقارنة بعدد المستفيدين، إلا أن المنظمين يركزون على تحسين الفعالية وضمان استدامة الشركات الناشئة في الإقليم. وأكد رئيس منتدى ابتكار للتنمية المستدامة أن هذه المرحلة تجريبية تهدف إلى تحقيق النجاح بأقل تكلفة ممكنة، وأن البرنامج يحظى بمتابعة واهتمام خاص من قبل السلطات الإقليمية. كما كشف عامل إقليم طاطا عن خطط لتحسين البنية التحتية الرقمية بالمنطقة واستقطاب أعداد أكبر من الشباب، بالإضافة إلى توفير برامج تدريبية إضافية.
بفضل هذه المبادرة، تتجه طاطا إلى أن تصبح نموذجًا يحتذى به في تأهيل العنصر البشري، حيث تؤكد الرؤية المستقبلية للمنطقة على أهمية تنمية القدرات البشرية في القطاعات الرقمية كخطوة أساسية نحو القضاء على فكرة “المغرب غير النافع” وتحقيق التقدم المستدام.
تحرير:سلمى القندوسي