شهدت العلاقات المغربية المكسيكية تطورًا ملحوظًا خلال العامين الماضيين، حيث تعززت الروابط السياسية والاقتصادية بين البلدين بشكل غير مسبوق. كان هذا واضحًا من خلال تبادل الزيارات والمواقف الداعمة التي عبّرت عنها مؤسسات اقتصادية وحزبية بارزة في المكسيك، مما يعكس تحولًا استراتيجيًا في مواقف هذا البلد اللاتيني تجاه المملكة المغربية.
دعم اقتصادي قوي من رجال الأعمال المكسيكيين
في خطوة تعكس عمق الشراكة الاقتصادية، أعلن مجلس تنسيق المقاولات بالمكسيك، أكبر هيئة أعمال في البلاد، دعمه للوحدة الترابية للمغرب واستعداده لتعزيز العلاقات التجارية مع المملكة. وأكد المجلس، في رسالة نشرت على منصة “إكس”، أنه يثمن سيادة المغرب على أراضيه، كما أبدى رغبته في العمل المشترك من أجل تطوير التعاون الاقتصادي.
من جانبه، شدد رئيس المجلس، سيرفانتيس دياز، أحد أبرز الفاعلين الاقتصاديين في أمريكا اللاتينية، على أن المغرب يعد ثاني شريك تجاري للمكسيك في إفريقيا، مشيرًا إلى الفرص الهائلة التي يمكن استغلالها لتعزيز المبادلات التجارية بين البلدين. وفي هذا السياق، ناقش المسؤولون المغاربة والمكسيكيون إمكانية توسيع التعاون في مجالات مثل الصناعة، التجارة، التكنولوجيا، الطاقات المتجددة، والصناعات الغذائية، وهي قطاعات تحمل إمكانات كبيرة للاستثمار المشترك.
تحول سياسي لافت في موقف الحزب الثوري المؤسساتي
على المستوى السياسي، شهدت العلاقات المغربية المكسيكية تحولًا بارزًا مع إعلان الحزب الثوري المؤسساتي، أحد أعرق الأحزاب في المكسيك، دعمه الكامل للمغرب في قضية الصحراء المغربية. وأكد رئيس الحزب، أليخاندرو مورينو، أن الحزب يدشن مرحلة جديدة في علاقاته الدولية، معلنًا تضامنه مع المغرب في دفاعه عن سيادته على أراضيه.
ما يميز هذا الموقف هو أن الحزب، عندما كان في السلطة، كان قد اعترف عام 1979 بـ”جمهورية البوليساريو” المزعومة. بالتالي، فإن هذا التغيير يمثل انعطافة تاريخية في رؤية أحد الأحزاب المؤثرة في المشهد السياسي المكسيكي تجاه القضية الوطنية للمغرب.
الاتحاد الاشتراكي يرسّخ حضوره في الساحة الدولية
من جهة أخرى، يواصل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تعزيز موقعه في الساحة السياسية الدولية، مستغلًا حضوره داخل الأممية الاشتراكية، والتحالف التقدمي، و “الكوبال”، وهي منصات دولية قوية تتيح له الدفاع عن القضايا الوطنية العادلة، وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية.
وشهد العام الماضي مشاركة فاعلة للاتحاد الاشتراكي في مؤتمرات دولية كبرى، كان أبرزها اجتماع مجلس الرئاسة للأممية الاشتراكية بنيويورك، بمشاركة 80 حزبًا سياسيًا، إضافة إلى لقاءات مع وفود مكسيكية لتعزيز التعاون السياسي بين الطرفين.
كما حقق الاتحاد إنجازًا جديدًا عبر انضمامه لمنظمة “الكوبال”، ليصبح أول حزب من خارج القارة الأمريكية اللاتينية يحصل على عضويتها، وهو ما يعزز موقعه كفاعل أساسي في شبكة العلاقات السياسية الدولية بين أمريكا اللاتينية وإفريقيا والشرق الأوسط.
دبلوماسية حزبية فعالة في خدمة القضايا الوطنية
هذا الزخم الذي يشهده الحضور المغربي في المحافل الدولية يعكس دينامية دبلوماسية حزبية متطورة، تواكب الجهود الرسمية للدولة في الدفاع عن المصالح الوطنية. فسواء عبر التحالفات الحزبية الاشتراكية، أو من خلال التكتلات الاقتصادية، بات المغرب يسجل اختراقات نوعية في مناطق كانت لعقود معاقل لمواقف متحفظة تجاه قضاياه الكبرى.
إن هذا التطور، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، يؤكد أن المغرب يواصل تعزيز مكانته كفاعل دولي مؤثر، مستفيدًا من دبلوماسية نشطة، وشراكات استراتيجية، وعلاقات حزبية واقتصادية متينة، تمكّنه من ترسيخ حضوره في الساحة الدولية بشكل أقوى من أي وقت مضى.
تحرير:سلمى القندوسي