المؤسسة الملكية تحمي المستثمرين، العدالة تتحرك لإنصاف ضحايا الإمبراطور العنابي  

17 مارس 2025آخر تحديث :
{"data":{"pictureId":"68799877065b4ac7812bb7b952920ec8","appversion":"4.5.0","stickerId":"","filterId":"","infoStickerId":"","imageEffectId":"","playId":"","activityName":"","os":"android","product":"lv","exportType":"image_export","editType":"image_edit","alias":""},"source_type":"vicut","tiktok_developers_3p_anchor_params":"{"source_type":"vicut","client_key":"aw889s25wozf8s7e","picture_template_id":"","capability_name":"retouch_edit_tool"}"}

مكتب : الرباط

يبدو أن أحمد العنابي، الذي ظلّ لسنوات طويلة يتحرك في دائرة النفوذ والسطوة، يجد نفسه اليوم وحيدًا في مواجهة مصيره أمام العدالة، فبعد تحقيقات معمقة باشرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، أحيلت ملفات القضية الثقيلة التي تلاحقه إلى النيابة العامة المختصة، في انتظار اتخاذ قرار حاسم بإيقافه وبدء إجراءات محاكمته، وسط ترقب واسع من ضحاياه الذين يتطلعون إلى اليوم الذي ستقول فيه العدالة كلمتها في حق من عاث فسادًا في دنيا العقار والاستثمار.

التهم التي تحوم حول العنابي ليست عادية، بل تضعه في خانة “المجرم الاقتصادي الخطير”، حيث تتعلق بالتزوير في محررات رسمية، والنصب على مستثمرين مغاربة وأجانب، واستغلال النفوذ، وهي أفعال يعاقب عليها القانون الجنائي المغربي بصرامة، فطبقًا للفصل 540 من القانون الجنائي المغربي، فإن جريمة النصب يعاقب عليها بالحبس من سنة إلى خمس سنوات، وغرامة قد تصل إلى 5000 درهم، إذا كان الضرر الناتج عنها جسيمًا، كما أن التزوير في المحررات الرسمية، وفقًا للفصل 351، يعاقب عليه بالسجن من عشر إلى عشرين سنة، وهي عقوبات تضع العنابي أمام مصير قاتم.

كما أن الفصل 129 من القانون الجنائي يشدد على أن كل من ساعد أو سهل ارتكاب الجرائم يُعد شريكًا فيها، وهو ما يفتح الباب أمام احتمال محاسبة كل من تواطأ مع العنابي وسهّل له التملص من العدالة خلال السنوات الماضية.

بحسب المعطيات المتوفرة، فإن النيابة العامة تبدي حزمًا واضحًا في التعاطي مع هذا الملف، وهو توجه ينسجم مع التوجيهات الملكية السامية التي شددت مرارًا على ضرورة حماية المستثمرين وتعزيز الثقة في مناخ الأعمال بالمغرب، ففي خطابه بمناسبة افتتاح السنة التشريعية لسنة 2019، أكد جلالة الملك محمد السادس على “لا يمكن تحقيق التنمية، ولا تشجيع الاستثمار، دون توفير مناخ سليم، وسلطة قضائية قوية، تضمن تطبيق القانون على الجميع دون استثناء”.

هذه الرسالة الملكية لا تترك مجالًا للشك في أن القضاء لن يتساهل مع من يهدد استقرار الاستثمار، أو يزعزع ثقة المستثمرين، سواء المغاربة أو الأجانب، في الاقتصاد الوطني.

ما يفاقم من خطورة جرائم العنابي ليس فقط الأرقام الضخمة التي تتحدث عنها الشكايات، بل أيضًا حجم الرعب الذي عاشه ضحاياه على مدار السنوات، العديد من المستثمرين اضطروا إلى مغادرة المغرب أو الدخول في صراعات قانونية مرهقة لاسترداد حقوقهم، فيما تعرضت بعض الأسر المغربية المقيمة بالخارج لخسائر فادحة بسبب تعاقدها مع شركات مشبوهة كان العنابي العقل المدبر خلفها.

حتى أن بعض المستثمرين لجأوا إلى الديوان الملكي ورفعوا تظلماتهم مباشرة إلى جلالة الملك، وهو ما دفع الجهات المختصة إلى التحرك بجدية لإيقاف نزيف الفساد الذي تسبب فيه العنابي وأمثاله.

كانت قوة العنابي تكمن في قدرته على بناء شبكة من العلاقات مع شخصيات نافذة، لكنه في الأسابيع الأخيرة وجد نفسه معزولًا بعد أن تبرأ منه الجميع، خاصة مع التطورات الأخيرة التي تشهدها المملكة، والزيارة الملكية إلى الدار البيضاء التي عكست حرص الدولة على محاربة الفساد بكل أشكاله.

إن وجود شخص بهذه الخطورة حرًا طليقًا لا يتماشى مع دولة المؤسسات، ولا مع الدستور المغربي، الذي ينص في فصله الأول على مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، كما يؤكد في فصله 35 على أن الدولة تضمن حرية المبادرة والمقاولة والتنافس الحر، وتحمي المستهلك والمستثمر من أي ممارسات غير قانونية.

مع اقتراب موعد محاكمة أحمد العنابي، ينتظر الضحايا الفرصة للوقوف أمام المحكمة والإدلاء بشهاداتهم حول ما تعرضوا له، في مشهد قد يكون الأكثر تأثيرًا في ملف رجل اعتقد لسنوات أنه فوق القانون، اليوم، العدالة أمام اختبار حقيقي، والنيابة العامة أمام مسؤولية كبرى، لإعادة الاعتبار للمستثمرين، ولضمان أن لا يتحول المغرب إلى بيئة خصبة للنصب والاحتيال.

إن المملكة المغربية، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، تسير بخطى ثابتة نحو تكريس دولة الحق والقانون، ولن تسمح لأمثال العنابي بأن يعيثوا في البلاد فسادًا دون حساب، الأيام القادمة ستكشف مصير هذا الرجل، ولكن المؤكد أن مغرب اليوم ليس مغرب الأمس، والعدالة لن تكون إلا في صف الضحايا، لأن الله، الوطن، الملك هو الشعار الذي لن يسمح لأي كان بأن يمس بثوابت الأمة .

اترك رد

الاخبار العاجلة