نبيل سجاع
يعيش سكان حي أليانس بمدينة مهدية على وقع استياء عارم، بعدما عمد المجلس الجماعي إلى اعتماد ما وصفه المواطنون بـ”حلول بدائية” لمعالجة أزمة النظافة التي أرّقت الحي منذ شهور. ففي خطوة مثيرة للجدل، قرر المجلس وضع حاويات حديدية عملاقة، غير مغطاة، وصعبة التفريغ والتنظيف، في مشهد أعاد إلى الأذهان نماذج تدبير تعود إلى ما قبل سنة 2010.
هذا القرار، الذي أثار موجة غضب واسعة في أوساط الساكنة، يأتي في وقت ينتظر فيه المواطنون تعزيز خدمات جمع النفايات بشكل يومي، والارتقاء بالبنيات التحتية البيئية، لا العودة إلى أساليب مهترئة ثبت فشلها في العديد من المدن.
بحسب شهادات محلية، فإن هذه الحاويات قد تتحول في الايام المقبلة إلى مكبات عشوائية للنفايات، تنبعث منها روائح كريهة، وتُعدّ بيئة خصبة لانتشار الحشرات والكلاب الضالة، بل وحتى مأوى محتملاً للمنحرفين وقطاع الطرق في فترات الليل.
وفي ظل غياب أي آليات لصيانتها أو غسلها بشكل منتظم، تتجه هذه “الحلول الحديدية” نحو تحويل الحي إلى نقطة سوداء بيئياً، بدل أن تكون وسيلة لتنظيم عملية جمع النفايات كما يدّعي المجلس.
ما يثير استغراب الساكنة هو لجوء المجلس إلى صرف ميزانيات على تجهيزات متجاوزة وغير صالحة للاستخدام الحضري، في وقت يعاني فيه الحي من مشاكل متراكمة في مجالات أخرى أكثر إلحاحًا، كالإنارة والتطهير والنقل.
ويؤكد العديد من الفاعلين المدنيين بالمنطقة أن “المجلس لم يُشرك السكان في هذا القرار، ولم يفتح أي قنوات حوار لتدارس حلول واقعية ومستدامة”، وهو ما يعتبر خرقاً لمبدأ الحكامة التشاركية، وضرباً في العمق لمفهوم القرب من المواطن.
تتعالى الاصوات على مواقع التواصل الاجتماعي، تداول عدد من نشطاء المدينة صوراً وفيديوهات توثق للوضع البيئي الكارثي حول الحاويات الجديدة، وأرفقوها بتعليقات ساخطة تطالب بمحاسبة المسؤولين.
ومن أبرز التعليقات المتداولة:
مجلس مهدية يعيدنا سنوات إلى الوراء بحلول حديدية مهترئة!”
“النظافة ليست في الحاوية، بل في العقول التي تدبرها!”
“حسبي الله ونعم الوكيل في كل من أهان كرامة المواطن والبيئة معاً.”
في ظل هذه الفوضى، طالبت الساكنة بــ:
- إزالة الحاويات الحديدية فورًا من أحياء السكن؛
- العودة إلى جمع النفايات المنزلي بشكل يومي ومنظم؛
- تفعيل رقابة بيئية صارمة على عمليات التدبير المفوض للقطاع؛
- فتح تحقيق حول كلفة الحاويات وكيفية اقتنائها ومعايير اختيارها.
ما جرى بحي أليانس ليس مجرد خطأ في التقدير، بل هو عنوان لفشل منظومة تدبيرية لم تستطع مجاراة أبسط انتظارات المواطن. وبينما تتقدم مدن العالم في ربط النظافة بالذكاء الاصطناعي والطاقة الخضراء، يختار مجلس جماعة مهدية العودة إلى أدوات متجاوزة ومهترئة.
ويبقى السؤال الأهم: من يحاسب المسؤولين حين تتحول ميزانية الجماعة إلى تجربة في العبث البيئي؟