ميلودة جامعي
شرعت وزارة الشباب والثقافة والتواصل، مطلع الأسبوع الجاري، في تنفيذ أشغال هدم مركز حماية الطفولة (ذكور) الكائن بمنطقة الحي الحسني بمقاطعة المنارة بمدينة مراكش، في خطوة فجائية وصفتها الوزارة الوصية بأنها تدخل في إطار إعادة إصلاح وتأهيل المركز ليتماشى مع المعايير السوسيوتربوية الحديثة، وفقًا لما ورد في بلاغ سابق للوزارة.
غير أن عملية الهدم هذه، التي تزامنت مع نهاية الموسم الدراسي، خلّفت ردود أفعال قوية وغاضبة من طرف شغيلة المركز، خاصة الموظفين القاطنين بالمساكن الوظيفية التابعة للأملاك المخزنية، والذين باتوا مهددين بالإفراغ القسري دون تعويض أو توفير سكن بديل. وأفاد عدد من الموظفين المتضررين في تصريحاتهم لوسائل الإعلام أن قرار الإفراغ تم دون مراعاة لظروفهم الاجتماعية، ولا للوضعية الأسرية لأبنائهم الذين يجتازون امتحانات إشهادية حاسمة، وهو ما اعتبروه “ظلما فادحا يضرب في العمق الاستقرار المهني والأسري”.
وفي هذا السياق، علمت الجريدة من مصادر مطلعة أن عددا من الموظفين المتضررين يستعدون لرفع دعاوى قضائية استعجالية ضد الوزارة، يطالبون فيها بتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم جراء هذه الإجراءات المتسرعة التي لم تراعِ المساطر القانونية الكافية ولا المعايير الإنسانية.
من جهتها، دخلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فرع المنارة مراكش، على الخط، عبر بلاغ شديد اللهجة، عبّرت فيه عن قلقها من احتمال “تفويت” العقار الذي يحتضن المركز والمساكن الوظيفية التابعة له، والبالغة مساحته حوالي ثلاث هكتارات، لمشاريع استثمارية خاصة، تحت غطاء إعادة التأهيل. وطالبت الجمعية الوزير محمد المهدي بنسعيد بالكشف عن القرار الرسمي للوزارة ومخططاتها بشأن مستقبل المركز، محذّرة من أن يتحول الإغلاق المؤقت إلى إغلاق دائم.
وفي رسالة مفتوحة إلى الوزير، نبّهت الجمعية إلى أن قرار الهدم والإفراغ تم دون توفير بدائل عملية سواء للنزلاء أو للموظفين، ودون اتخاذ أي إجراءات تضمن استمرارية تقديم الخدمات الاجتماعية الحيوية التي يقدمها المركز للفئات الهشة. كما أشارت إلى أن لجنة ولائية سبق وأن أوصت قبل سنوات بترميم المركز وإصلاحه دون المساس بوظيفته أو المساحات التابعة له.
وتخشى فعاليات حقوقية واجتماعية من أن يكون الهدف الحقيقي وراء هذه العملية هو تسليم العقار إلى جهات خاصة، بدل الاستثمار في إعادة إحياء المؤسسة وإصلاح اختلالاتها، ما يشكل، حسب قولهم، “تخليا واضحا عن الدور الاجتماعي للدولة ومؤسساتها”.
ويبقى مصير المركز، ونزلائه، وموظفيه، رهينا بقرارات الوزارة خلال الأيام المقبلة، وسط تصاعد الغضب وارتفاع الأصوات المطالبة بالشفافية والمحاسبة، وحماية المرفق العمومي من كل أشكال “التحايل العقاري”، على حد تعبير نشطاء حقوقيين.