بقلم: برحايل عبد العزيز
قام وزير التجهيز والماء، السيد نزار بركة، يوم الثلاثاء 8 يوليوز 2025، بزيارة ميدانية إلى إقليم تاونات، مرفوقًا بعامل الإقليم وعدد من المنتخبين والمسؤولين الترابيين، وذلك لتفقد مجموعة من مشاريع البنية التحتية، وعلى رأسها الطرق والسدود.
وشملت الزيارة الوقوف على سير أشغال مشروع تثنية الطريق الوطنية رقم 8 الرابطة بين تاونات وفاس، والإشراف على توقيع اتفاقية شراكة لإنجاز الطريق المداري لمدينة تاونات، إلى جانب زيارة ورش بناء سد الرتبة بجماعة الودكة. وهي مشاريع كبرى تعكس رؤية تنموية تستهدف ربط المناطق وتعزيز البنيات التحتية، وتحسب للحكومة من حيث التخطيط والاستشراف.
غير أن واقع الحال في عدد من الجماعات القروية بالإقليم يكشف عن صورة مختلفة تمامًا. فبينما تشهد بعض الأوراش تقدّمًا ملحوظًا، تعاني جماعات أخرى من التهميش والعزلة، وعلى رأسها جماعة بني عروس، التي تواجه أزمة حادة في التزود بالماء الصالح للشرب، إلى جانب الحالة المتردية للطرق القروية، التي تحوّلت إلى مسالك وعرة تصعب معها حركة التنقل، خاصة في فصل الشتاء.
وقد عجّت منصات التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة بمقاطع وصور توثق معاناة الساكنة: رجال ونساء يقطعون كيلومترات لجلب الماء من عيون بعيدة، أطفال يسلكون طرقًا محفوفة بالمخاطر للوصول إلى مدارسهم، ومرضى يُنقلون على الدواب بسبب غياب سيارات الإسعاف وصعوبة الولوج إلى المرافق الصحية.
ورغم أهمية الزيارة الوزارية من الناحية الرمزية، إلا أنها لم تُقدّم أجوبة واقعية وشافية لهذه التحديات المتراكمة. فالسؤال الذي يتردد على ألسنة المواطنين هو: “ما جدوى بناء السدود إن كنا لا نجد الماء في منازلنا؟ وما قيمة الطرق الوطنية إذا كانت الطرق المؤدية إلى قُرانا لا تصلح حتى لعبور الدواب؟”
يبدو أن إقليم تاونات يعيش حالة من التباين الصارخ بين دينامية المشاريع الكبرى المعلنة وبين الحاجيات اليومية المستعجلة لساكنته، وهو ما يعيد طرح إشكالية “المغرب بسرعتين”: سرعة تسير نحو التقدم والتحديث، وسرعة أخرى بطيئة ترزح تحت وطأة التهميش والإقصاء.
إن ساكنة المناطق المهمشة، وفي مقدمتها جماعة بني عروس، لا تطلب المستحيل، بل تنادي فقط بحقوقها الأساسية: حقها في الماء، في الطريق، وفي العيش الكريم. وهذه المطالب لا ينبغي أن تبقى مؤجلة أو مؤطرة بشعارات المناسبات، بل يجب أن تكون في صلب السياسات العمومية، باعتبارها حقوقًا مشروعة وأولويات وطنية ذات طابع استعجالي.