وسط لحظة استثنائية تعيشها الطريقة القادرية البودشيشية عقب دخول شيخها الدكتور مولاي جمال الدين القادري المستشفى، انعقد في مداغ شرق المملكة، السبت 19 يوليوز 2025، اجتماع خاص بمجلس الطريقة برئاسة الدكتور منير القادري البودشيشي، نجل الشيخ و”وارث سره الجمالي”، في محطة تنظيمية وصفت بأنها “اجتماع أصحاب القرار” لرسم ملامح المرحلة المقبلة داخل أقدم وأكبر الطرق الصوفية في المغرب.
لم يخف الاجتماع الذي حضره مقدمو الطريقة ومسؤولوها في مختلف جهات المغرب، حجم التحديات التي تواجه الزاوية في هذه الظرفية الصحية الصعبة، حيث تم التأكيد على تماثل شيخ الطريقة للشفاء بفضل العناية الخاصة التي أحاطه بها جلالة الملك محمد السادس، ودعاء المريدين، معتبرين ذلك “أمانة روحية والتزاما وطنيا” يقتضي الوفاء لرسالة الشيخ وخط الاستمرار.
وقد كان لافتا تثبيت الدكتور منير القادري بصفته النائب الشرعي والوصي المؤقت، استنادا إلى وصية الشيخين الراحل سيدي حمزة والحالي سيدي جمال الدين، بما يضمن استمرار العمل الإداري والروحي والتنظيمي في بيت الوصال بمداغ، في انتظار عودة الشيخ لمتابعة مهامه.
في قلب الاجتماع.. رسائل الولاء واليقظة
في أجواء من الدعاء والذكر وتلاوة القرآن، خرج اجتماع مداغ بعدة رسائل أساسية:
• تجديد الولاء للعرش العلوي المجيد، وشكر جلالة الملك على العناية المولوية بالشيخ، داعين الله أن يحفظه في ولي عهده وأسرته.
• تأكيد استمرار الطريقة كمدرسة روحية تربوية ثابتة على قيم المحبة، الوسطية، والاعتدال، في مواجهة حملات التشويه التي تستهدف صورتها.
• رفض أي ادعاءات أو انتحال صفة التحدث باسم الطريقة خارج الإطار الشرعي، والتلويح باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد كل من يسعى لضرب ثوابتها.
• دعوة المريدين والمريدات للتحلي باليقظة وعدم الانجرار وراء الشائعات، مؤكدة أن المرجعية الوحيدة تظل مجلس الطريقة ووريث السر الدكتور منير القادري.
لم يغب الجانب العملي عن الاجتماع، حيث تقرر انطلاق اعتكاف غشت الروحي من 11 إلى 24 غشت 2025، بينما يُنظم الملتقى العالمي للتصوف في دورته العشرين من 1 إلى 6 شتنبر المقبل، وسط تعبئة عامة داخل الزاوية لضمان نجاحه رغم الظروف المالية الصعبة التي تمر منها.
وقد أعلن المجلس عن إحداث لجنة مالية تحت إشرافه لتدبير النفقات ووضع خطط استعجالية للخروج من الأزمة المالية الراهنة، في خطوة تعكس محاولة المواءمة بين الاستحقاقات الروحية والمسؤوليات التنظيمية المتراكمة.
يأتي هذا الاجتماع ليحسم وضعية القيادة المؤقتة داخل الطريقة، مثبتا الدكتور منير القادري كوجه المرحلة الراهنة و”وارث السر” المكلف بتدبير الملفات اليومية وإدارة الاعتكافات والتظاهرات الروحية، في انتظار عودة الشيخ بعد التعافي الكامل.
في مداغ، حيث تتقاطع الروحانية بالتنظيم الصارم، لم يكن اجتماع أصحاب القرار مجرد محطة تنظيمية، بل تأكيدًا على استمرارية “سر الوصال” في بيت الطريقة رغم كل التحديات، وسط التفاف مريديها حول الثوابت الروحية والوطنية .