ميلودة جامعي
صادقت لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، في الساعات الأولى من صباح يوم الثلاثاء 22 يوليوز 2025، بالأغلبية، على مشروع القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، وذلك بحضور وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد.
وقد حظي المشروع بموافقة 18 نائبا مقابل رفض 7 نواب، دون تسجيل أي حالة امتناع، في جلسة اتسمت بنقاشات مكثفة همّت عدداً من الجوانب التنظيمية والهيكلية للمجلس.
شهد الاجتماع دراسة 249 تعديلاً شملت مختلف أبواب ومواد مشروع القانون، وجرى اعتماد 45 تعديلاً فقط، من أبرزها حذف عقوبة توقيف إصدار المطبوعات أو الصحف الإلكترونية لمدة 30 يوماً، وهو الإجراء الذي كان يثير جدلاً واسعاً في أوساط المهنيين والمدافعين عن حرية الصحافة، وقد اعتبرت فرق الأغلبية أن حذف هذا الإجراء ينسجم مع التوجهات الوطنية في تعزيز حرية التعبير والصحافة.
كما تم التصويت بالإجماع على عدد من المواد، بينها المادة 68 المتعلقة بالوساطة والتحكيم، والتي تنص على تحديد مدة مسطرة الوساطة في ثلاثة أشهر، والمادة 82 التي تحدد حالتي إحالة الشكاية بشكل فوري إلى لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية.
من أبرز النقاط الخلافية التي فجّرت النقاش داخل اللجنة، مسألة انتداب ممثلي الناشرين ضمن الفرع الثالث من الباب الرابع. فقد عبّرت فرق المعارضة عن رفضها لهذه الصيغة، داعية إلى اعتماد الانتخاب بدل الانتداب، واصفة ذلك بأنه “السبيل الأرقى للديمقراطية، وضامن لاستقلالية المجلس”.
في المقابل، دافع الوزير بنسعيد عن الصيغة المعتمدة، معتبراً أن الاختيار بين الانتخاب بالنسبة للصحافيين المهنيين والانتداب بالنسبة للناشرين، يستند إلى الطبيعة المختلفة للهيئتين، مؤكداً أن الانتداب في هذه الحالة هو “شكل من أشكال التمثيلية المبنية على التوافق بين الفاعلين في المجال”.
وفي رده على مداخلات النواب، ثمّن الوزير المقاربة التشاركية التي وُضِع بها هذا النص القانوني، مشدداً على أن المشروع يهدف إلى ضمان استمرارية المجلس الوطني للصحافة، بعد الإكراهات التي حالت دون إجراء الانتخابات المهنية في وقتها القانوني.
وأكد بنسعيد أن الحكومة تسعى من خلال هذا القانون إلى تعزيز استقلالية ومهنية قطاع الصحافة والإعلام، مع مراجعة آليات الحكامة والتأديب وتوضيح اختصاصات المجلس بشكل ينسجم مع تحولات المشهد الإعلامي الوطني.
وبالمصادقة على هذا المشروع على مستوى اللجنة، يكون البرلمان قد خطا خطوة مهمة نحو إعادة هيكلة المجلس الوطني للصحافة، في أفق استكمال المسطرة التشريعية من خلال عرضه على الجلسة العامة للمجلس والمصادقة عليه بصفة نهائية.
هذا المشروع يُرتقب أن يؤسس لمرحلة جديدة من الحكامة والتأطير المهني لقطاع الصحافة بالمغرب، بما يعزز الاستقلالية والمصداقية ويراعي في الوقت ذاته متغيرات السياق الوطني والدولي.