محكمة النقض تُصفع “الرجولة المكسورة”: الحزام الأسود ليس تدليساً بل شرفاً مستتراً

27 يوليو 2025Last Update :
محكمة النقض تُصفع “الرجولة المكسورة”: الحزام الأسود ليس تدليساً بل شرفاً مستتراً

في إحدى ليالي القدر التي قد تكتب فيها النجاة، كان الزوجان يعودان من زيارة عائلية، يحتضنان أولادهما الصغيرين وأحلامهما المتواضعة، قبل أن تنقضّ عليهم الظلمة بوجهها الحقيقي: خمسة رجال مدججون بالعصي والسكاكين، تنهال أفواههم بشتائم مقززة، وتهديدات باغتصاب الزوجة كأنما هم ذئاب جائعة لا تعرف للإنسانية سبيلا.

الزوج، كأي رجل شرقي تعوّد أن يكون حامي العرين، جمد في مكانه، وقد تسرب الرعب إلى نخاعه، فيما الأطفال يرتجفون كالعصافير والزوجة تُحاصر بالمهانة، إلى أن حدث ما لم يكن في الحسبان… تراجعت المرأة خطوات، خلعت حذاءها، عقدت شعرها خلف رأسها، وبضربة ساق أعادت ترتيب كرامة العائلة. سقط الأول مثل شجرة عجوز قطعتها يد إعصار، تلته صفعة طائرة قلبت الثاني على قفاه، قبل أن تنهال على البقية بضربات محسوبة وكأنها في بطولة وطنية، لكن هذه المرة كانت البطولة من أجل الشرف، لا الذهب.

في دقائق، كانت العصابة مكومة تحت أقدامها، يئنون من الألم والدهشة والخذلان، وقد ربطتهم بحبل كان في صندوق السيارة كأنها تعرف أن الليالي السود تحتاج إلى عقد أمان. لم تنبس بكلمة، بل جلست تنتظر رجال الدرك بهدوء القائد الذي أتم مهمته دون أن يطلب التصفيق.

لكن الكارثة لم تكن في العصابة، بل في ردة فعل الزوج. ذلك الرجل الذي لم يشكر القدر على أن زوجته كانت “بطلة وطنية متخفية”، بل صُدم من اكتشاف أن حبيبته الرقيقة، التي كانت تحضّر له النعناع والشاي، كانت أيضًا تحترف فنون الركل والطرح والتكسير. شعر بالخيانة… لا لأنها أخفت سرًا شائنًا، بل لأنها لم تخبره أنها تستطيع الدفاع عن نفسها… وعنه!

رفع دعوى طلاق، يتهمها فيها بالتدليس، وكأن الحزام الأسود وصمة عار، أو شهادة زور! وكم كان مُرضيًا له أن محكمتين ابتدائية واستئنافية انصاعتا لغضبه الذكوري، ووافقتاه على أن البطلة أخطأت… لأنها لم تكشف له أنها ليست ضحية سهلة.

لكن محكمة النقض، بكل ما أوتيت من رصانة القانون، صفعت المنطق المقلوب صفعة تعيد للعقل هيبته، وقالت ما سيبقى درسًا لمن لا يزال يعيش في فقاعة التفوق الذكوري: ما أتقنته الزوجة ليس نقصًا، ولا عيبًا، ولا تدليسًا، بل شرف مستتر لا يستوجب الاعتذار ولا التصريح.

لعل التدليس الحقيقي لم يكن في زواجها، بل في وهمه أن الرجولة تحتاج إلى أنوثة مهزومة، لا امرأة تقاتل من أجل بيتها.

اترك رد

Breaking News