القائدة حورية والصحافة: معادلة الثقة والتأثير الذكي في الرأي العام

5 أغسطس 2025Last Update :
القائدة حورية والصحافة: معادلة الثقة والتأثير الذكي في الرأي العام

بقلم برحايل عبد العزيز

تُعدّ الصحافة سلطةً رابعة بكل المقاييس، لا تقتصر وظيفتها على نقل الأخبار فحسب، بل تُسهم في تشكيل الرأي العام وصناعة الصورة الذهنية حول المؤسسات ورجالات الدولة. وبينما يرى البعض فيها وسيلة للتمجيد أو الانتقاد، فإن الفاعلين الحقيقيين في المجال الترابي يدركون أن الصحافة يمكن أن تكون شريكًا فاعلًا في بناء الثقة، وتثمين الجهود، وتعزيز التواصل مع المواطن.

وفي هذا الإطار، يبرز تباين واضح بين من يُجيد التعامل مع الإعلام، ويُفعّل أدواته بذكاء ومسؤولية، وبين من ينكفئ على ذاته، أو يتعامل مع الصحافة بحذر مفرط، أو لا يرى فيها سوى مصدر إزعاج أو تهديد. وهنا لا يتعلق الأمر بتفضيل الظهور من عدمه، بل بقدرة رجل أو امرأة السلطة على تنسيق أدوارهم مع الجسم الإعلامي، وتوظيفه كرافعة للتواصل والشفافية والفعالية.

من النماذج البارزة التي استطاعت تجسيد هذا التفاعل الذكي، تبرز القائدة حورية، التي فرضت اسمها في الساحة الترابية بأسلوب عمل احترافي، قائم على الجدية والالتزام والانفتاح على وسائل الإعلام. لم تسعَ فقط إلى “استخدام” الصحافة، بل حرصت على بناء علاقة “تعاون” متوازن، تضمن المصداقية والاحترام المتبادل، وتُكرّس قيم الشفافية والمسؤولية في العمل الإداري.

نجحت القائدة حورية في ترجمة مجهودها الميداني إلى أثر ملموس في الرأي العام، ليس من خلال الترويج المصطنع أو التغطيات الموجهة، بل عبر خلق مناخ مهني ساعد الإعلام على القيام بدوره في نقل الواقع كما هو، دون تزييف أو تهويل. وهكذا أصبحت تجربتها نموذجًا لكيفية انسجام الأداء الترابي مع التغطية الإعلامية الرصينة، بما يخدم المصلحة العامة.

وفي المقابل، لا تزال بعض النماذج من رجال السلطة تُعاني من ضعف في التنسيق مع الصحافة، إما لغياب قنوات الاتصال، أو لعدم إيمانهم بأهمية الإعلام في تأطير العلاقة مع المواطن. وهذا ما يؤدي أحيانًا إلى غياب تام لأي إشعاع إعلامي، أو إلى ظهور مُشوّه لا يعكس حقيقة الجهود المبذولة، وهو ما يُسيء في نهاية المطاف لصورة الإدارة الترابية ككل.

إن الصحافة ليست خصمًا، ولا عدوًّا، بل شريك يجب إدماجه بوعي في المنظومة التنموية والتدبيرية. غير أن تحقيق هذا التفاعل المثمر يقتضي، أولًا، وعيًا من طرف السلطة بدور الإعلام، وثانيًا، إعلامًا وطنيًا يُمارس مهامه بأخلاقيات المهنة، دون انحياز أو ابتذال. فالمعادلة الناجحة لا تكتمل دون طرفين مسؤولين: سلطة تُؤمن بأهمية التواصل، وصحافة تُجيد نقل الحقيقة بموضوعية.

وفي ظل الديناميات المجتمعية والسياسية التي يعرفها المغرب، يبقى رهان الإعلام التشاركي، المهني، المستقل، أحد مفاتيح التقدم نحو حكامة أكثر نجاعة، وإدارة أكثر قربًا من انتظارات المواطنين

اترك رد

Breaking News