.
بقلم برحايل عبد العزيز
تتجه وزارة الداخلية إلى مراجعة شاملة لمهام أعوان السلطة، في خطوة تعكس وعياً متزايداً بضرورة ضبط تدخلاتهم الميدانية. فقد أوضحت مصادر قريبة من الملف أن الوزير عبد الوافي لفتيت أعطى الضوء الأخضر لإعداد تصور جديد يحدد بدقة الإطار القانوني لاختصاصاتهم، بعد أن كشفت تقارير ميدانية عن ممارسات تتجاوز أدوارهم التقليدية في الإخبار والاستخبار.
وتشير المعطيات إلى أن بعض الأعوان انخرطوا في أنشطة لا تدخل ضمن صلاحياتهم، من بينها المشاركة في حملات ضد الدراجات النارية المعدلة وصلت أحياناً إلى مطاردات، واقتحام أوراش بناء في إطار مراقبة البناء العشوائي دون أي سند قانوني، فضلاً عن زيارات لمحلات تجارية ومطاعم ومقاهٍ قصد مطالبة أصحابها بوثائق ضريبية، وهي مهام تدخل بطبيعتها ضمن اختصاصات أجهزة أخرى.
الوزارة تعمل حالياً على صياغة دورية جديدة ستُعمم على مختلف الولايات والعمالات، بهدف منع أي تدخل فردي خارج القانون، وتأكيد ضرورة التنسيق مع المصالح المختصة قبل القيام بأي عملية مراقبة أو تفتيش. وتطمح هذه المبادرة إلى إرساء توازن أكبر بين المسؤوليات اليومية للأعوان والالتزامات القانونية التي تؤطر عملهم، بما يضمن تجنب الاحتكاك مع المواطنين أو التداخل مع صلاحيات مؤسسات أخرى.
هذه المراجعة المنتظرة لا تعكس فقط إرادة سياسية لضبط المهام، بل تأتي أيضاً استجابة لمتغيرات اجتماعية وحقوقية يعرفها المغرب، حيث أصبح المواطن أكثر وعياً بحقوقه، وأصبح احترام القانون عنصراً أساسياً في تدبير الشأن المحلي. ومن المنتظر أن تشكل هذه الخطوة منعطفاً جديداً في علاقة أعوان السلطة بالمجتمع، وأن تسهم في تعزيز الحكامة الجيدة على المستوى الترابي.
