الزوايا المغربية: منارات للسلوك النبوي وخدمة المجتمع

5 ساعات agoLast Update :
الزوايا المغربية: منارات للسلوك النبوي وخدمة المجتمع
الزوايا المغربية: منارات للسلوك النبوي وخدمة المجتمع

 

بقلم: ذ.أيمـن مختـاري، منسق الهيئة الأكاديمية الاستشارية بمركز العمران الحضاري للثقافة والعلوم

في زمن تتسارع فيه التحولات وتتعالى فيه أصوات المادّة، تظل الزوايا بالمملكة المغربية الشريفة حصونًا للصفاء الروحي، وفضاءاتٍ تحفظ للإنسان توازنه بين الإيمان والعمل، بين العبادة والعطاء. إنها مدارس لتربية القلب والعقل، ومشاتل للقيم النبوية التي تُعلّم الإنسان كيف يعيش لنفسه ولغيره في آنٍ واحد.

الزوايا ودورها في خدمة المجتمع والسيرة النبوية الشريفة

تُعدّ الزوايا من أبرز المعالم الدينية والروحية في تاريخ الأمة المغربية، إذ اضطلعت بأدوارٍ مركزية في بناء المجتمع وصون الهوية الإسلامية. فهي لم تكن مجرّد أماكن للذكر والعبادة، بل مؤسسات تربوية واجتماعية، حملت على عاتقها مهمة الإصلاح، ونشر العلم، وغرس قيم السيرة النبوية الشريفة في واقع الناس.

من الناحية الروحية، مثّلت الزوايا مدارسَ لتزكية النفوس وتربية القلوب على محبة النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به في الأخلاق والمعاملات. فالمتصوفة المغاربة جعلوا من السيرة النبوية مرجعًا عمليًا لبناء الإنسان المتوازن، يسير على خُطى النبي في التواضع، والرحمة، وخدمة الغير. ومن خلال مجالس الذكر والمدائح، كانت السيرة تُروى لا على سبيل التاريخ، بل على سبيل التربية والتجسيد في السلوك.

ومن الناحية الاجتماعية، أدّت الزوايا أدوارًا عظيمة في خدمة المجتمع، إذ كانت ملجأً للفقراء والمحتاجين، ومركزًا للإصلاح بين الناس، وفضاءً للتعليم والتكافل. كما ساهمت في نشر العلم الديني واللغوي، وتكوين العلماء والفقهاء الذين حملوا رسالة الاعتدال والتنوير في ربوع المملكة المغربية الشريفة.

وفي العصر الحديث، ما تزال الزوايا المغربية، وفي مقدمتها الزاوية القادرية البودشيشية، تؤدي رسالتها النبيلة في خدمة المجتمع والسيرة النبوية، من خلال نشر قيم الوسطية، وتنظيم الملتقيات العلمية والروحية، وإحياء المناسبات النبوية بأسلوب يجمع بين الأصالة والتجديد. فهي تُذكّر الناس بأن السلوك النبوي ليس فكرةً تاريخية، بل واقعٌ حيّ يُترجم في الأخلاق، والإخلاص، وخدمة الوطن والإنسان.

وهكذا تبقى الزوايا المغربية منارات إشعاعٍ روحي وفكري، تُجسّد في حاضر الأمة امتداد النور المحمدي، وتُسهم في بناء مجتمعٍ يسوده السلم والتعاون، في ظلّ القيادة الحكيمة لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيّده، الذي ما فتئ يرعى الحقل الديني، ويصون الثوابت الروحية للأمة المغربية الشريفة.

اترك رد

Breaking News