إهانة موظف بجماعة واد النعناع تثير موجة استنكار ومطالب بحماية الموظفين من الاعتداءات أثناء أداء مهامهم.

20 أكتوبر 2025Last Update :
إهانة موظف بجماعة واد النعناع تثير موجة استنكار ومطالب بحماية الموظفين من الاعتداءات أثناء أداء مهامهم.

 

بقلم: إيمان بوسويف.

في سلوكٍ لا يمكن وصفه إلا بالانحراف عن روح القانون وأخلاقيات التعامل الإداري، تعرض الموظف الهاشمي الشرفاوي، التقني بجماعة واد النعناع التابعة لقيادة رأس العين دائرة ابن أحمد الجنوبية، لاعتداء لفظي مشين من طرف شخص يقطن بدوار العونات أولاد علي بلحاج، أثناء مزاولته مهامه الإدارية.

وتفيد المعطيات أن الواقعة جرت يوم 20 أكتوبر 2025 حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف صباحاً، حينما تقدم المشتكى به بطلب الحصول على شهادة إدارية تتعلق بعقار في طور التحفيظ. وبعد أن قام الموظف بدراسة الوثائق، طلب من المعني بالأمر الإدلاء بنسخة من رسم الشراء أو تحيين مطلب التحفيظ، باعتبار أن العقار لا يزال مسجلاً باسم الورثة البائعين. وهو طلبٌ إداري مشروع، يدخل ضمن اختصاصات الموظف ومسؤوليته القانونية في التأكد من صحة الوثائق قبل توقيعها أو المصادقة عليها.

غير أن المشتكى به لم يتقبل هذا التوضيح، وخرج عن حدود اللياقة، موجهاً للموظف وابلاً من السب والقذف والعبارات المهينة، من قبيل “انتا شفار، ميكروب، خرجتي على الجماعة، بغيتيني نعطيك الرشوة والله ريال ما عطيتك”، وفق ما ورد في شكاية موجهة إلى السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بابن أحمد.

وقد وقعت هذه الأفعال أمام مجموعة من الموظفين والشهود، إضافة إلى عدد من المرتفقين. وعبّر هؤلاء عن استيائهم من الحادث، مؤكدين أن ما جرى يشكل إساءة خطيرة لمرفق عمومي يفترض فيه الاحترام والانضباط، وأن الموظف الشرفاوي معروف بانضباطه وحرصه على تطبيق المساطر القانونية دون تمييز أو تجاوز.

وتُعتبر هذه الواقعة نموذجاً واضحاً للاعتداء المعنوي على الموظف العمومي، وهي جريمة يعاقب عليها القانون المغربي وفق مقتضيات الفصل 263 من القانون الجنائي، الذي ينص على معاقبة “كل من أهان موظفاً عمومياً أو أحد رجال أو مفوضي السلطة أو القوة العمومية بالقول أو الإشارة أو التهديد أثناء قيامه بعمله أو بسبب قيامه به.”

إن مثل هذه التصرفات لا تمس فقط كرامة الموظف كشخص، بل تطال هيبة الإدارة العمومية واعتبار الدولة، لأنها تُفقد المواطن الثقة في مرفق يفترض فيه أن يكون مجالاً للتعامل الحضاري والقانوني، لا لسلوك العدوان اللفظي والتطاول على من يمثل المصلحة العامة. وقد أصبح لزاماً على السلطات المختصة التدخل الصارم لوضع حدٍّ لهذه الممارسات، حتى لا تتحول إلى ظاهرة تهدد الأمن الإداري والسلم الاجتماعي داخل الجماعات الترابية.

وفي سياقٍ موازٍ، عبّر عدد من المواطنين والمرتفقين عن استنكارهم لما صدر عن المشتكى به، مؤكدين أن ما قام به يعد سلوكاً مرفوضاً أخلاقياً وقانونياً، ويجب أن يكون موضع متابعة قضائية عاجلة. “من غير المعقول أن يُهان موظف فقط لأنه يطبق القانون”، يقول أحد سكان المنطقة، مضيفاً أن “التساهل مع مثل هذه الأفعال سيجعل من الفوضى قاعدة، ويزرع الخوف في نفوس كل من يريد خدمة المصلحة العامة بضمير.”

وتشير المعطيات إلى أن المعني بالأمر يدّعي بين سكان الدواوير امتلاكه نفوذاً وعلاقات داخل أجهزة القضاء والدرك، وهو ما يشكل نوعاً من التباهي المضلل والضغط المعنوي على الآخرين، الأمر الذي يستوجب التحقيق فيه بكل جدية. فالإيحاء بالسلطة أو النفوذ هو في حد ذاته سلوك خطير يهدد ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.

كما أعلنت نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل استعدادها لمؤازرة الموظف الهاشمي الشرفاوي والدفاع عنه، معتبرة أن ما وقع هو “اعتداء على كل موظف شريف يؤدي واجبه في ظروف صعبة”، ودعت إلى تفعيل الحماية القانونية للموظفين العموميين من الإهانات والاعتداءات التي يتعرضون لها أثناء مزاولة مهامهم.

إن حماية الموظف العمومي ليست مطلباً فئوياً، بل واجباً قانونياً ودستورياً يندرج ضمن حماية المرفق العمومي واحترام سلطة الدولة. فكل إهانة لموظف أثناء أداء مهامه هي في جوهرها إهانة لرمزية المرفق العمومي ذاته. لذلك، فإن الحزم في تطبيق القانون في مثل هذه الحالات هو السبيل الوحيد للحفاظ على كرامة الإدارة وثقة المواطنين فيها، وترسيخ مبدأ أن لا أحد فوق القانون، مهما كانت ادعاءاته أو علاقاته.

القضية اليوم بين يدي النيابة العامة، والمواطنون في المنطقة ينتظرون بفارغ الصبر أن تأخذ العدالة مجراها، وأن يكون تطبيق القانون رسالة واضحة لكل من يعتقد أن التطاول على موظف عمومي أمرٌ يمكن تجاوزه. فالدولة لا تُحترم بالشعارات، بل بتطبيق القانون وحماية من يُنفذونه على أرض الواقع.

اترك رد

Breaking News