لا يبدو أن الفنان عبد الله فركوس يتكلف إطلاقا عندما يقدم أعماله التلفزية للمشاهد المغربي، والتي تلقى إقبالا واضحا، وتمس مواضيع مباشرة بشكل خفيف يميل إلى الكوميديا السوداء.
نظرة سريعة على يوتوب تكشف لك أن أعمال فركوس تشاهد بالملايين، ونظرة أخرى على المحتوى تظهر لك أن الرجل لا يحاول أن يبحث عن “اللي مات مولاه” كما يقول المغاربة، بل يختار موضوع بسيطة تلامس عمق المجتمع، متلافيا تماما أي إسفاف أو ابتذال.
خلطة ناجحة جدا جعلت فركوس فنانا تلفزيا بامتياز، بلهجته المراكشية الظريفة، وطاقيته التي تلازم رأسه، وأعماله التي تسحبك وراءها مشهداً خلف مشهد، بكثير من الدهاء الدرامي، دون أن تشعر أن المشاركين في العمل “يمثلون”.
بطريقة ما، ينجح فركوس في عملية التماهي، لكنه لا يكتفي بذلك، ويجرّ خلفه كل المشاركين في أعماله، فتشعر فعلا أنك تجلس وسط أسرة مغربية تقليدية، وأن الحوارات الدائرة غير مخطط لها.
“فيفتي فيفتي”، “مولاة السعد”، “مولاة الورد”، هي بعض من هذه الأعمال التي لا نستطيع الادعاء أنها خارقة للمألوف، لكن يمكن القول بكل ثقة أنها ناجحة جدا.
والنجاح الذي يبحث عنه فركوس، على ما يبدو، ليس النجاح الذي يبحث عنه عدد من المخرجين المغاربة “الذين يلقون الممثلين فوق السرير” أملاً في بلوغ هذا المهرجان أو ذلك، أو في وصف أعمالهم بـ”العالمية”.
فركوس يدرك أنه فنان محلي، أنه فنان مغربي قح، لهذا فهو يقدم أعماله لأبناء بلده ببساطة، للمغاربة الذين يجالسون آباءهم وأمهاتهم ويتحلقون حول موائد العشاء.
تكاليف أعماله قليلة، والرؤية الإخراجية لا تحتاج عملا مرهقا لدى فركوس. هي بضعة مشاهد داخلية، مدعومة بأخرى خارجية، بكادر ثابت، وها أنت أمام عمل يحمل بصمة “فركوسية” واضحة.
لقد تمكن هذا الفنان، الذي بذل جهدا كبيرا في مساره الفني، أن يصل أخيرا إلى سر الخلطة التي تجعل المشاهد المغربي يتقبلك أخيرا كممثل، ويقبل على أعمالك، دون حتى حاجة لإعلان مبتذل عنها في مواقع التواصل الاجتماعي.